اعتبر محللون أمنيون إرسالَ مستشارين عسكريين لدعم ثوار ليبيا مؤشرا على أن النزاع مرشح ليطول، بينما تحدث مسؤولون أوروبيون وأمريكيون عن نظامٍ ليبيٍ اكتسب ثقة بالنفس أمام معارضةٍ ضعيفة وتحالفٍ دولي منقسم على نفسه. ونقلت نيويورك تايمز عن أحد سفراء حلف شمال الأطلسي (ناتو) قولهم »ظنت بعض البلدان أن عملية ليبيا ستنتهي سريعا.. لكن لا قائد عسكريا يعتقد ذلك«. وإرسال المستشارين أحدث مؤشر على مشاكل يتخبط فيها التحالف الدولي، والذي بدأ بضربات قوية قادتها الولاياتالمتحدة، سرعان ما فقدت زخمها بعد انتقال القيادة إلى الناتو، لتتمكن بعدها قوات معمر القذافي من دحر الثوار والدفع بهم نحو أجدابيا شرقا، بينما باتوا غربا يقاتلون للاحتفاظ بمصراتة حيث يدافعون عن شارعٍٍ رئيسي تُنازِعهم قوات العقيد السيطرة عليه. وزادت مشاكلَ الناتو تكتيكاتُ قوات القذافي، من اختباء بين المدنيين وتمويهٍ على الأسلحة واستعمالٍ لأسلحة محظورة. ومن بين 28 دولة عضوا بالناتو، تشارك ست فقط في تنفيذ الضربات، التي تتكفل بريطانيا وفرنسا بشن نصفها. أما دول أخرى من خارج الناتو ففضلت أدوار الدعم والمساعدة في تنفيذ حظر توريد السلاح، في حين أعلنت واشنطن –التي سحبت طائراتها من عمليات القصف وشددت على أنها لن ترسل قوات برية- أنها ستقدم للثوار 25 مليون دولار من المساعدات لا تشمل الأسلحة. ويقول مدير معهد تشاتام هاوس إن خلافات الناتو مضرة بقدر ما هي مضرة تكتيكاتُ قوات القذافي. ويضيف روبن نيبليت أن القذافي »يرى حلفَ ناتو الذي تقوده أوروبا ليس بالانسجام الكافي« لذا يشعر العقيد ب »فجوة بين الوسائل والغايات«. ويقول محللون إن مشاكل الناتو هذه يمكن تفسيرها إلى حد ما بالتغيرات التي طرأت مع نهاية الحرب الباردة، واتساع مهام الحلف إلى خارج أوروبا، بحيث أصبح ائتلافا لدول تتشابه في أفكارها، أكثر منه تحالفا عسكريا. ويقول فرانسوا هايزبورغ، وهو خبير شؤون الدفاع بمؤسسة البحوث الإستراتيجية بباريس »الآن بعد أن بات مجاله (الناتو) عالميا، فكل شيء يجب أن يُتفاوَض عليه.. هذا هو عالمُ ما بعد الحرب الباردة«. ويرى توماس فالاسيك، وهو خبير شؤون الدفاع بمركز الإصلاح الأوروبي (ومقره لندن) أن نهاية الحرب الباردة عَنَتْ حتما أن دول الناتو ستركز على أخطار مختلفة: الإرهاب وأفغانستان بالنسبة للبعض كالولاياتالمتحدة وبريطانيا، وروسيا بالنسبة لدول أوروبا الوسطى. لكن الناتو دافع على لسان متحدثة باسمه عن انسجامه في تطبيق قرار مجلس الأمن، وأكّد أنه أبلى في ليبيا بلاء حسنا وفي وقت قصير، وهو يواصل إضعاف قدرة القذافي عسكريا على شن هجمات فعّالة ضد المدنيين. وأوصى أحد سفراء الناتو بالصبر، ف »في النهاية سيحدث تغير في الموازين، فلن يحصل القذافي على مزيد من الأسلحة، والدبابات والذخيرة، وسيزداد ضعفا ويزداد الآخرون قوة«. لكن مسؤولين أمريكيين وأوروبيين يرون أن القذافي قد عزّز قواته في الوسط والغرب بما يكفيه للصمود طويلا في وجه المعارضة، ولو عنى ذلك تقسيم ليبيا شطرين تقسيما فعليا. وقال مسؤول أمني أوروبي يتابع عن كثب أحداث ليبيا إن أنصار القذافي يشعرون بالثقة، ورجّح أن تُقسّم ليبيا فعليا بسبب تحسن موقع القذافي وضعف الثوار عدة وتدريبا. وطلب الثوارُ دعما أكبر من التحالف الدولي بما فيه الولاياتالمتحدة، التي ما زالت ترفض إرسال جنود، لكنها أعلنت دعمها تحركات بريطانية فرنسية لنشر وحدات صغيرة على الأرض. ورغم الضربات الجوية والتحركات الهادفة لدعم الثوار، تقول وكالات استخبارات أمريكية وأوروبية إن القذافي عزّز سيطرته على طرابلس وأغلب الغرب، بما سمح له بخلق وضع راوحت فيه موازينُ القوى مكانها بينه وبين الثوار. ويرى مسؤولون أمنيون أمريكيون وأوروبيون أن القذافي سرعان ما سيعيد تجميع ما يكفي من القوات، و»حينها سيكون قد سيطر على أغلب ليبيا ويستطيع أن يحدّد درجة الشدة التي يريد اعتمادها بالشرق في أماكن مثل بنغازي« وفق مسؤول أمريكي. وإذا حدث سيناريو التقسيم الفعلي هذا، لا يرى خبيرُ الشرق الأوسط سابقا بوكالة الاستخبارات الأمريكية بروس ريدل، بُدّا من قرارٍ جديد لمجلس الأمن يجيز نشر قوات برية لمواجهة القذافي »وسيكون حينها النصر سريعا«.