بعد تدخله يوم الأربعاء على قناة »الجزيرة«، حيث أوضح بكل حزم المعطيات الإنسانية لاستقبال الجزائر بعض أعضاء أسرة العقيد القذافي، ورفض ادعاءات بعض الحمقى ممن ينتسبون إلى ثوار ليبيا ولكنهم يتناقضون مع مصالح الثورة بل وحتى مع رئيس المجلس الانتقالي، عبّر الدكتور محيي الدين عميمور في اتصال مع " صوت الأحرار" عن سعادته بالتطورات التي بدأت تعرفها العلاقات بين الثورة الليبية والجزائر. واشار في هذا السياق إلى مشاركة وزير الخارجية الجزائري في اجتماع باريس، رغم أن بعض المزايدين عندنا لم يفهموا أن سياسة الكرسي الشاغر هي سياسة حمقاء، أو على الأصح هي سياسة اللاسياسة. وذكر عميمور بما سبق أن قاله في الأيام الماضية من أن الوقت قد حان لاتخاذ موقف متطور من ثورة الشعب الليبي، بفتح جسور مع ممثليه الشرعيين والنظر إلى مستقبل العلاقات بين البلدين، حيث لا يمكن أن نترك الشعور الخاطئ لدى الشعب هناك بأن الجزائر تجاهلت معاناته ونسيت وقفته بجوارنا خلال الثورة المسلحة، بل وقبل ذلك بكثير، وخصوصا في مرحلة جهاد عمر المختار التي شارك فيها من شيخ شهداء المغرب العرب جزائريون كثيرون، ولا يمكن أن نسمح لبعض المغرضين هنا وهناك بتضليل الأشقاء الذين نعرف أنهم عاشوا ظروفا صعبة، نحن من أول من يدرك قسوتها. وكان الوزير السابق للثقافة قد صرح منذ أسابيع بأن نظام القذافي فقد شرعيته تماما عندما أقدم على قتل شعبه بكل سادية وبرودة دم، لكنه وصف تصريحات بعض المتحدثين باسم الثوار حول مزاعم دعم الجزائر للقذافي بالاتهام المتسرع والتصرف الأحمق، وجاءت تصريحاته تلك خلال استضافته بقناة »الحرة« الإخبارية تحت عنوان -العلاقات الجزائرية ونظام القذافي. وأشار الرئيس السابق للجنة الشؤون الخارجية بمجلس الأمة إلى أن القذافي كانت له مواقف شجاعة لكن أخطاءه كثيرة ولا تغتفر، وعُنفه في قمع التظاهرات السلمية هو الذي أدى إلى عسكرة الانتفاضة، ثم إلى الاستعانة بالحلف الأطلسي، وهو، كما يرى عميمور، كان أمرا لا بديل عنه إلا القبول بأن تعرف بنغازي والبيضاء ودرنة المصير المأساوي الذي عرفته مدينة حماة السورية في 1982، وقال أن هناك دلائل تشير إلى أن ثوار ليبيا يدركون اليوم تسرع بعض الناطقين باسمهم، ممن ضللتهم معلومات مفبركة زرعها من لا يريدون خيرا بالعلاقات الجزائرية الليبية، وربما كان تصريح مصطفى عبد الجليل حول الزوبعة المفتعلة التي أثيرت حول لجوء بعض أفراد عائلة العقيد إلى الجزائر، والتي رأى فيها البعض هدية مسمومة فرضت علينا واضطررنا إلى قبولها انسجاما مع روح ديننا الحنيف ومع أخلاق الرجولة الحقة، وهو ما أسماه عبد الجليل نفسه بالمعطيات الإنسانية، وعبّر عن تفهمه لما قامت به الجزائر، كما أن جمعة القماطي في لندن، والذي كان واقعا تحت تأثير معارضة »بيكاديللي«، خفف كثيرا من أسلوبه التهجمي وعبر عن تقديره لموقف الجزائر من إغلاق حدودها في وجه العقيد القذافي، وكان تصريح رئيس المجلس الانتقالي بعد قمة باريس بعيدا كل البعد عن التهجم والاتهامات الظالمة، حتى وإن حمّل الإعلام مسؤولية التضخيم، وهو ما يمكن أن يكون قد ضايق بعض الصحفيين، ولكن من يدركون الهدف السامي لم يتوقفوا كثيرا عند ذلك. وقال الوزير الجزائري السابق: أنا أرفض التصريحات الحمقاء التي يبصق بها بعض الأشقاء على المستقبل، وأكرر بأن الحديث عن موقف عدائي من الجزائر كان تجاوزا مرفوضا من شخص هناك شكوك كثيرة حول ولائه الحقيقي، وهو لا يُبشر بخير إن لم أقل أنه موقف مشبوه يعمل ضد المصلحة الحقيقية للشعب الليبي ولآماله المستقبلية، وأجدد إيماني بالعلاقة الإستراتيجية بين ليبيا والجزائر، بعيدا عن الأشخاص والانزلاقات الظرفية، وأكرر اقتراحي بأن يقوم مصطفى عبد الجليل أو محمود جبريل بزيارة للجزائر، لأن هذا سيكون صفعة للذين يكرهون الجزائر وليبيا على حد سواء، وللذين يكيدون للبلدين هنا أو هناك، كما سيكون تحذيرا لمن يحاولون استغلال أحداث ليبيا لاختراق المنطقة أمنيا واقتصاديا، وهو في نفس الوقت سيُمكن الجزائر من لعب دور رئيسي في المنطقة لحماية مصالح شعوبها.