أيها الحضور الكرام ما أسعدها من لحظات عندما يكون مثل هذا اللقاء مع كوكبة من الرجالات و النساء الذين يصنع بعضم الكلمة الجميلة في الإبداع و في الفكر و في فن السياسة و في الفن الجميل عموما.. ولأنني أومن بأن الكتابة هي أولى ميزات التواصل بين بعضنا البعض ، و لأنني أومن كذلك بأن الكتابة هي ترويح عن النفس مما قد يعتريها من كدر و حزن و ألم .. بل و لأنني مقتنع بأن الكتابة موقف يعبر عن رأي أو هو دفاع عن فكرة..ر بل و لأنني مقتنع أن الكتابة متى كانت كتابة راقية في أي لون كان هي موقع نحتل به الزمان و المكان، و نخلق به مساحة لنا و لغيرنا، و قد نرسم به صورة لحدث، أو نسهم به في صنع حدث.. بل و نسهم في بناء و مجد الوطن . و لأننا نكتب كي يقرأ الآخرون الحاضرون معنا و الغائبون عنا إلى حين و في الزمان و المكان و في غير هذا الزمان و المكان أعمالنا و آثارنا الجميل منها و المتواضع .. من أجل كل هذا قررت الكتابة متى حضرت و أقلعت عنها متى هربت مني و حرن القلم قبل أن يبعده مني الكمبيوتر .. نعم من أجل الحاجة للكتابة التي تحضر الكاتب أياما متتاليات و قد تغيب عنه الكتابة أيضا أياما و ربما أشهرا أقول من أجل هذا و من أجل عشق الكتابة نفسها حتى و أنا على فراش المرض أحيانا أو عند النفور منها إلى درجة الملل أحيانا أخرى قررت و قررت أن أتعامل مع الكتابة.. لقد كان ذلك منذ أن نشرت أولى محاولاتي مع الكتابة، إذ جربت كتابة القصة القصيرة و أنا مجرد طفل عام 1965 قبل أن أقلع تماما عن كتابة القصة و عن المسرحية الإذاعية التي سبق أن جربتها هي الأخرى أكثر من مرة ،و عن الشعر الذي ينزل شيطانه من حين لآخر دون أن يجد طريقه للنشر ما عدا تلك المحاولات التي نشرتها في نهاية الستينيات و بداية السبعينيات في الشعب و المجاهد الأسبوعي.. و أكثر من هذا وكما يقول نزار قباني في تقديمه لأحد روايات الصديقة أحلام مستغانمي: إن الكتابة هي لحظة جنون جميل .. قد لا أتفق مع الصديق واسيني الأعرج عندما يقول: بأنه لا شيء لنا في هذا الوطن سوى الكتابة .. ففي هذا الوطن هناك الأرض و هناك الناس الطيبون و الشرفاء والوطنيون و هناك الماضي التليد .. وهناك الحاضر الذي يجب أن نسهم فيه ، وهناك المستقبل الذي يجب أن نبنيه لأبنائنا و أن لا نترك الرداءة مهما كانت قوتها تتغلب على الكفاءة لأن الكفاءة لا تحسن فن المداورة والمؤامرة الذي تتفنن فيه الرداءة.. ثم إنه إذا كانت الجدلية عند ديكارت تنطلق من فكرة : أنا أفكر إذن أنا موجود، فإن الجدلية التي أستند إليها هي : أنا أكتب إذن أنا موجود .. ولكنني أعتقد في نفس الوقت بأنه دون تفكير سليم لا يمكن أن تكون هناك كتابة حتى ولو كنا نمتلك روح فنان مرهف الأحاسيس فياض المشاعر. إن فكرة ميلاد هذه الكتب السبعة و ليس في هذا الأمر إفشاء لسر جاءت بعد استفزازات كتابية أو كتبية من طرف آخرين .. ولهذا الأمر قصة قد أعود لها لاحقا عندما نفتح النقاش في هذه القاعة.. لقد تعودت منذ أن أصدرت كتبي الأربعة الأولى عام 2007 على أن يقوم واحد من رجالات الفكر والسياسة والإعلام بتقديمها و تحليلها وقراءتها من جديد بشكل مباشر أمام الحضور .. لقد فعلت هذا مع )التجربة والحصاد (، ومع )لصوص التاريخ(،و مع )السيادة الناقصة (،ومع : )يسقط الارهاب .. تحيا المقاومة (.. وقد تم ذلك في المكتبة الوطنية من طرف الصديق الدكتور أحمد حمدي وفي الجزائر العاصمة والأغواط مع الصديق الدكتور أحمد عظيمي.. وفعلت ذلك بمقر الجاحظية في عام 2008 أيضا بالنسبة لمؤلفي الخامس: ) الرجل الذي رفض الوزارة( الذي كتب مقدمته الأستاذ عبد الحميد مهري حيث قام بقراءة مضامينه و تحليل محتواه الصديق سليمان بخليلي.. وكان الغائب الأكبر وقتها صاحب الجاحظية الصديق الروائي الراحل الطاهر وطار الذي كان آنذاك يعالج بباريس .. و أما الكتاب السادس )أخرجوا منها أنتم( و الذي قدم له الدكتور أمين الزاوي فقد جرت عملية تحليل مضمونه في مقر المجاهد اليومي بالعاصمة من قبل الدكتور ناصر جابي ، و قام الدكتور عبد العالي بوفاتح من جامعة الأغواط بنفس العملية بمدينة الأغواط .. وها هو الصديق حميدة العياشي الصحفي و الكاتب و المسرحي و مدير النشر للجزائر نيوز يتولى عملية تشريح الكتاب السابع:) من أجلكم (.. ولذلك فأنا لا أريد أن أسترسل في الحديث قبل أن يتكلم صديقي سي حميدة عن الكتاب..