يعترف رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل بأن ليبيا صارت أمام خيارين كلاهما مر، الأول هو أن تتم مواجهة المسلحين والتصدي لهم بالقوة وهو ما يعني حربا بين الليبين، أو حالة الانقسام التي تؤدي إلى الحرب الأهلية، وحقيقة هذا الكلام أن ليبيا أصبحت في مواجهة الحرب الأهلية المواجهات بين المسلحين أصبحت ظاهرة مألوفة في شوارع طرابلس، وهذه المليشيات التي تريد أن تفرض إرادتها على الشعب الليبي لا تكترث لنداءات المدنيين الذين تظاهروا من أجل إنهاء المظاهر المسلحة في مدنهم وأحيائهم، وهي لا تعير أدنى اهتمام للدعوات التي تطلقها الحكومة من أجل جمع السلاح ودمج المقاتلين في الجيش وأجهزة الأمن، بل إن كلام عبد الجليل في بنغازي أول أمس أخذ طابع التوسل لهؤلاء المسلحين الذين لن يستجيبوا أبدا. من كانوا يسمون بالثوار أصبحوا الآن مسلحين يدافعون عن مصالح الميليشيات التي ينتمون إليها، فقد اختفت الدولة وفي مكانها برز الولاء لدوائر أضيق، منها القبيلة والميليشيا، لكن الولاء للدولة لم يبق له أثر إلا في الخطابات الرسمية، وما تبثه القنوات الليبية التي أنشأت بتشجيع من الأشقاء الذين عجزوا عن تحويل التمرد إلى ثورة، وهم اليوم عاجزون عن السيطرة على مارد الحرب الأهلية الذي يهدد البلاد بالخراب وشعبها بالفناء. إن أسوأ ما يمكن أن تقع فيه انتفاضة شعب هو أن تؤكد صدق ما ذهب إليه الحكام الطغاة، وها هم المسلحون في ليبيا يثبتون اليوم أن القذافي لم يجانب الصواب عندما قال إن سقوط نظامه يعني الحرب الأهلية، وها هي النظريات التي قدمها المعارضون الذين عاشوا لسنوات طويلة في الغرب والشرق عن وحدة الشعب الليبي والأخوة التي تجمع مكوناته تسقط الواحدة تلو الأخرى فاسحة المجال أمام حالة غير مسبوقة من الفوضى ستجعل الناس يترحمون على عهد القذافي رغم كل ما ميزه من ظلم واستبداد.