هل يصدق سيد أحمد غزالي أنه أصبح معارضا بالفعل؟ السؤال جدير بالطرح، فالمؤكد أن لا أحد في الجزائر يتخيل أن هذا الرجل يصلح لممارسة المعارضة اليوم أو غدا، لكن تصريحاته الأخيرة توحي بأنه بدأ يصدق نفسه وبدأ يتوهم أن الآخرين سيصدقونه يوما ما. غزالي يرفض أن يقدم ملفا جديدا لاعتماد حزبه، مبرره في ذلك أن حزبه معتمد بقوة القانون منذ أن عقد مؤتمره التأسيسي قبل اثني عشر عاما، وعندما سئل عن سبب رفضه تقديم ملف جديد قال طبعا أرفض، من يتحمل المسؤولية السياسية والقانونية في تعطيل قانون الأحزاب السابق، السلطة وضعته وهي عطلته، واختزل مشكلة الجزائر في عدم احترام القوانين التي تعني عدم احترام المواطنين، وتساءل كأنه غير معني كم من مرة تلاعبوا بالقوانين، وكم من مرة خرقوها، مع العلم أنهم هم من وضعوها. هذا الذي يتباكى على خرق قانون الأحزاب السابق لم يقل شيئا عندما تم تعطيل الدستور وحلت كل المؤسسات، واقتربنا من حالة اللادولة، وحتى إذا سلمنا بحق غزالي في التوبة، وأنه أخطأ ككل ابن آدم، فإن الغريب هو سعيه إلى الجمع بين هذا الموقف وبين القول بأن جبهة الإنقاذ المنحلة زورت الانتخابات الملغاة، فالنظام الذي يقول إنه كان دائما يضع القوانين ويخرقها، عجز في سنة 1991 عن تزوير الانتخابات لصالحه، والأسوأ من ذلك أنه عجز بكل وسائله عن منع الفيس من تزوير الانتخابات، ولم يقدر حتى على جمع الأدلة التي يمكن أن تقنع العالم بهذه النكتة التي جلبت السخرية لكثير من المسؤولين الجزائريين في الخارج في تلك المرحلة التي كان فيها ضمن خدام السلطة وكبار موظفيها. حتى لو منح لغزالي الاعتماد فإنه لن يضيف شيئا للساحة، ولأنه أعلم الناس بهذه الحقيقة فإنه يختار الثرثرة للتغطية على الفشل المحتوم، لكن من المهم أن يعرف غزالي أن ماضيه سيظل يطارده، وسيمنعه من أن ينال صفة المناضل السياسي الذي يسعى إلى خدمة بلده وشعبه، وتلك هي الخسارة الكبرى في السياسة ولا علاج لها سوى الصمت.