ما يميز الحملة الانتخابية لتشريعيات 10 ماي القادم، والتي دخلت أسبوعها الثاني، هو أنها تجري في ظروف عادية، بالرغم من كل المحاولات الرامية إلى الانحراف بها والتشويش عليها من بعض الأطراف التي قاطعتها أو تلك التي تستغل الموعد لإثارة وتأجيج ظاهرة الاحتجاجات والإضرابات المهنية القطاعية• وإذا كان هناك من إجماع في هذه الحملة الانتخابية، فإنه يتجلى في حرص كل القائمين على تنشيطها، من الأحزاب والأحرار، على دعوة الناخبين إلى التوجه بكثافة إلى صناديق الاقتراع والإدلاء بأصواتهم لصالح من يرون أنهم أهل لتمثيلهم في المجلس الشعبي الوطني القادم، الذي سيكون فاصلا بين مرحلتين في مسيرة الجزائر المستقلة، إذ سيتولى التشريع لاستكمال مسار الإصلاح السياسي، وفي مقدمة ذلك تعديل الدستور الحالي. وبالرغم من أن الحملة الإنتخابية لا تخلو من مظاهر التقصير، ومن المآخذ المسجلة هنا وهناك، بالنظر إلى كثرة الأحزاب والقوائم الحرة المشاركة فيها، إلا أن الهدف الذي يحاول الجميع وضعه نصب أعينهم، هو إقناع الناخبين بالتعبير عن إرادتهم خلال الموعد الإنتخابي، وكل قائمة تبذل قصارى جهدها لاستقطاب واستمالة المواطنين للتصويت عليها، عبر إظهار برامجها الإنتخابية والترويج لها أثناء التجمعات الشعبية المقامة على مستوى ولايات الوطن• ولئن كان هناك الكثير مما يقال حول طبيعة ونوعية ومضمون البرامج الإنتخابية التي تعرضها الأحزاب المشاركة، وكذلك ما يثار حول الخطابات السياسية المعتمدة من قبل قادة الأحزاب ومتصدري قوائم المترشحين، فإن المنافسة تبدو على أشدها، والدليل على ذلك، ما يتراءى في تلك التنقلات الماراطونية التي يقوم بها قادة أركان الأحزاب عبر أرجاء الوطن، جنوبه وشماله، شرقه وغربه، لكسب ود الناخبين الذين أصبحوا يميزون جيدا بين الغث والسمين من البرامج المعروضة والرجال والنساء المقترحين عليهم• ولعل ما يلفت الإنتباه في هذه المهرجانات الشعبية، تلك التجمعات الحاشدة التي ينظمها الأفلان ويشرف عليها الأمين العام عبد العزيز بلخادم، وذلك الخطاب المتناغم، الواقعي والموضوعي والواعد، من أجل تعبئة المواطنين وتجنيد الناخبين، وحثهم على أداء واجبهم وحقهم الإنتخابي، الذي هو أولا وأخيرا عمل حضاري ينم عن وعي وطني مدني، ومن ثمة دعوة الناخبين لاختيار قوائم الأفلان، لكونها تترجم قلبا وقالبا متطلبات المرحلة القادمة من مسيرة وتحول الجزائر على درب بناء دولة المؤسسات الديمقراطية. الأفلان وهو يخوض غمار هذه الحملة الإنتخابية التشريعية، بكل ثقة في النفس، وكل أمل في المستقبل، لا يخشى المنافسة السياسية النزيهة، لأنه وببساطة الفصيل السياسي الذي نشأ وترعرع في أحضان الشعب، وعليه فإنه لم ولن يخشى أبدا الاحتكام إلى الشعب من خلال الصندوق، طالما أن الأفلان حريص على أن يبقى الحارس الأمين والمحافظ الوفي على قيم ومبادىء هذا الشعب والمعبر عن آماله وطموحاته المتجددة، فهو واثق من أنه سيحظى مرة أخرى بثقة الشعب في الاستحقاق التشريعي القادم• إن الأفلان باعتباره الحزب الذي يتوفر على برنامج متكامل، منسجم ومتوازن، ويملك خزانا من الإطارات الكفؤة والنظيفة، الشابة منها والمتمرسة، يبقى في أعين وفي نظر الناخب الجزائري، الحزب الذي يرمز إلى الاستقرار والأمن والإصلاح الهادئ، والهادف إلى الارتقاء بالأداء السياسي للبلاد، والإبتعاد بالجزائر عن متاهات فوضى ما يسمى "الربيع العربي" وعنفه•