الإجماع حاصل على أن سوريا تتجه نحو الحرب الأهلية إن لم تكن قد وقعت فيها بالفعل، فمنذ قرابة عام ونصف لم تتوقف المواجهات، السلاح ينتشر، والاصطفاف الطائفي بدأ يتجلى، والجيش الذي لم ينقسم ولم ينقلب على القيادة السياسية يواجه الآن معارضة مسلحة تشكلت بإرادة وتمويل خارجي. الوقوف في صف الشعوب لا يعني تزكية كل من يقدم نفسه معارضا للنظام، فالذي يحدث في سوريا أكثر تعقيدا من مجرد حركة احتجاجية لشعب مقهور، أو انتفاضة تقودها معارضة سياسية مضطهدة، ما يجري هناك له امتدادات في الجوار المباشر، وفي المحيط الأوسع لسوريا، ويجري تسيير الأزمة الدامية بما يخدم حسابات إقليمية ودولية ليس للشعب السوري فيها ناقة ولا جمل. مهما تكن الانتقادات التي توجه لنظام دمشق فإن هناك شيئا من الحقيقة فيما قاله الرئيس السوري عندما تحدث عن حرب خارجية على سوريا، فالحديث عن حرب أهلية لم يكن ممكنا لولا تمويل المعارضة وتسليحها من قبل الخارج، فقد تواطأت تركيا مع أمريكا من أجل إسقاط النظام في دمشق بأي ثمن، وقدم أعراب الخليج المال والسلاح من أجل إشعال الحرب الأهلية رغم علم الجميع بأن انقسام الجيش السوري أو انقلابه على القيادة السياسية لن يحدث بين عشية وضحاها، بل إن استمرار الأزمة يدفع نحو تقسيم المجتمع السوري على أساس طائفي بما يجعل استعادة الأمن أمرا مستحيلا. هذه الجريمة التي ارتكبت في حق سوريا وشعبها يتحمل مسؤوليتها أولئك الذين اختاروا طريق العمل المسلح استعجالا لإسقاط نظام يرونه عقبة في وجه مخطط إعادة ترتيب المنطقة، وفشل المسلحين في القضاء على النظام إلى حد الآن يؤكد أن الشعب السوري ليس في صفهم رغم كل ما تعرض له من قهر وظلم من قبل النظام القائم. لقد كان تسليح المعارضة السورية، ودعوة الجيش إلى الانشقاق من خلال التحريض الطائفي، الوسيلة التي فضلها الغرب وعملاؤه من الأعراب لتفكيك سوريا، وعلى الشعوب العربية أن تتحمل مسؤولية ملاحقة هؤلاء المجرمين لأن ما ارتكبوه يفوق كل ما شهده التاريخ من جرائم ضد الانسانية.