تنتشر في موسم الصيف تجمّعات الأطفال في حي البهجة القصديري بالقرية الفلاحية زرالدة تجدهم حفاة يلعبون بالحجارة والتراب والأسلاك المتناثرة هنا وهناك وسط غبار خانق يقتلون وقت فراغهم تحت أشعة الشمس الحارقة لتتابع وتتشابه أيامهم فيم يضطر بعض هؤلاء للعمل في مثل هذه السن المبكرة اقتربت منهم لأبادلهم أطراف الحديث وأستفسر منهم عما جعلهم يفضلون البقاء خارج منازلهم في مثل هذا الحر أجابني م.ل الذي يبلغ من العمر 10 سنوات بلهجة قوية "أنت لا تعرفين الحرارة التي نعاني منها داخل بيوتنا القصديرية نفضل التجمع في الخارج هذا أرحم". شواطئ للاسترزاق لا للاستجمام يقضي معظم هؤلاء الأطفال عطلة الصيف إما بتضييع أوقاتهم في التجمعات أو يفضل البعض الآخر بيع بعض السلع التي تحضّر في المنازل كالمحاجب أو خبز الدار أو البيض المسلوق ليعينوا بها عائلاتهم أو ليقتنوا بعض الأدوات المدرسية اللازمة تحضيرا للدخول المدرسي من بين هؤلاء "محمد" يبلغ من العمر 13 سنة ولد وترعرع في هذا الحي القصديري، فصل الصيف بالنسبة له باب يُفتح لجني المال وكسب القوت تبدو عليه علامات التعب والإرهاق والفقر أكد لنا أنه يحب الدراسة كثيرا وينوي أن يتمها ليصبح طبيبا ناجحا لذا يجب عليه كسب المال ليتمكن من اقتناء لوازم الدخول المدرسي فهو يبيع المحاجب على شواطئ البحر بزرالدة طيلة الصيف حاله من حال جابر الذي يبلغ من العمر 12 سنة يبيع السجائر طيلة اليوم، ليأخذ قسطا من الراحة آخر النهار مع صديقه محمد، "الفقر والحاجة مرّان" بهذه العبارة وصف لنا جابر معاناته اليومية لجني القليل من المال ليصرفه على والده المريض ويدخر ما تبقى للدخول المدرسي ولامكان للراحة حتى في الصيف بالنسبة لنا لقمة العيش قبل أي شيء آخر الأمراض الجلدية تهدد الأطفال كل صيف "ن.ر" ربة منزل في 35 من عمرها أم لطفلين خالد يبلغ من العمر 10 سنوات وشيماء 5 سنوات قاطنة بالحي القصديري منذ أكثر من 11 سنة، عند دخول فصل الصيف لكل سنة تزيد مخاوف هذه الأم على أولادها بسبب انتشار الأمراض الجلدية المعدية بين الأطفال كون هذا الحي يحاذي واد القرية بحوالي 05 أمتار، قلة توفر المياه زاد الطين بلة ناهيك عن الآفات الاجتماعية المنتشرة في الحي فغالبا ما يقع الأطفال ضحايا لاعتداءات جنسية وقصّت عليناالام "ن.ر" محاولة الاعتداء على ابنها وهو لايتجاوز 07 سنوات من عمره لولا لطف اللّه لما نجا منها يوميات كل من خالد وشيماء لا تختلف عن أبناء الحي غير أن والدتهم كثيرا ما تمنعهم من الخروج إلى الشارع خوفا من معاشرة رفقاء السوء أو "الوقوع في مشاكل لا مخرج منها" كما قالت لنا ن. ر فهي تفضل أن يبقوا عند جدهم أفضل ليحتكوا بوسط اجتماعي سليم ب/س أم لثلاثة أطفال كريمة وعبد العالي وسهيلة ساكنة بحي البهجة منذ أكثر من 12 سنة يوميات أطفالها خلال الصيف معناها الحر الفراغ الدائم والاستجمام في شواطئ زرالدة التي اعتاد عليها الأطفال منذ طفولتهم "ماذا يفعل الأطفال في الحي غير ذلك تتساءل هذه الأم مع انعدام المرافق ووسائل الترفيه مما ساهم في انتشار المخدرات ومختلف الآفات ، أطفال يمتهنون بيع السجائر على شواطئ ظواهر فماذا يمكن أن ننتظر من أطفال يضطرون للخروج للعمل في مثل هذه السن المبكرة لذا تناشد محدثتنا السلطات العليا في البلاد التدخل لانتشال البراءة من الضياع بأخذ وضعية الطفولة المحرومة بعين الاعتبار وتقديم حلول ولو بسيطة للحفاظ على أبسط حقوقهم