يرى المفكر الامريكي"فرانسيس فوكوياما"صاحب نظرية "نهاية التاريخ" ان الليبرالية الغربية يمكن استيرادها من قبل المجتمعات الانسانية الموزعة في العالم الكوني، اذ لها امكانية التكيف مع الواقع الآخر، فتكون سر نجاح اعجازي يقول هذا وهو يتحدث عن التجربة اليابانية او ما يسميها ب" المعجزة اليابانية" التي تسهم في تاريخ العالم عبر دخول الطريق الامريكية وخلق ثقافة استهلاكية شمولية اصبحت بالصورتين الفعلية والرمزية اساس مااسماه ب"الدولة الشمولية المتجانسة". ويلعب التوجه صوب الثقافة الاستهلاكية التي حركتها اليابان لحد بعيد، يلعب دورا حاسما في توسيع بناء الليبرالية الاقتصادية واشاعتها في اسيا قاطبة على طريق اشاعة الليبرالية السياسية المعدة بمقاسات امريكية. و تفرض افكار "فوكوياما" الاستشرافية الليبرالية السياسية كنتيجة حتمية لليبرالية الاقتصادية.. وتكون هنا كوريا الجنوبية المثل المحتذى حيث مجتمعها الحديث بقدرته الكبيرة وطبقته المتوسطة ،يصعب عزلها عن التطور الديمقراطي العام المترافق مع التطور الاقتصادي الكبير. وجهات نظر "فرانسيس فوكوياما" تتجاهل اشكاليات جوهرية في السياسة والايديولوجيا ، فهو يستثني متعمدا في افكاره ورؤاه الاستشرافية جميع الأبعاد السلبية لليبرالية كظاهرة خضعت بدورها الى التحول والابتعاد عن جذورها التاريخية ووجدت من يلتف حول مضامينها.. و لايعني اعلان فوكوياما عن" نهاية التاريخ " لا يعني كل شيء فهو القائل: "ليس من الضروري عند نهاية التاريخ ان تكون جميع المجتمعات مرفهة وليبرالية، اذ يكفي نبذ الدعاوى الايديولوجية باعتبارها تمثل شكلا للمجتمع البشري الأكثر رفعة". ويسقط "فوكوياما" في الفخ الجدلي دون رغبة منه، فالمجتمعات التي لم تبلغ مستوى الحرية والرفاه تبقى تحيا الصراعات من اجل البقاء اولا والارتقاء المتوازن مع مجتمعات الأرض المتمدنة ثانيا.. واذا ما تخطى احدنا حتمية استمرار الصراع الطبقي، فهل تتخطى الشعوب الساعية لحق تقرير المصير صراعاتها التحررية؟! بأي شيء يختتم "فوكوياما" عصر التاريخ.. وبأي شيء يبدأ بعصر ما بعد التاريخ..ليفتح بوابات الدخول الى الحياة الامريكية المحاصرة بازماتها المالية الكبرى ؟