الإجماع حاصل على أن الظرف عصيب وأن الأزمة المالية العالمية التي تتحول إلى أزمة اقتصادية مدمرة قد تعيدنا إلى نقطة الصفر مرة أخرى، والرئيس لم يخالف هذا الإجماع فراح يحذر من المحن التي قد تحل بنا في حال تراجع أسعار النفط، وهو ما يعني أننا نقف في النقطة التي كنا نقف عندها قبل أزيد من عشرين عاما عندما هوى سعر البرميل إلى ما دون عشرة دولارات. كل الذين يتحدثون في الشأن الاقتصادي ينطلقون من القول بأن الجزائر تعتمد بصفة كلية على صادراتها من النفط والغاز ويصلون إلى أننا لا ننتج شيئا وأن انخفاض سعر البرميل سيعيدنا إلى نقطة البداية، وعندما نسمع هذا التحليل من خبراء وسياسيين معارضين نتفهم الأمر باعتبار أنهم ينتقدون سياسات اقتصادية لم يشاركوا في صياغتها أو تنفيذها، أما أن نسمع هذا الوعيد من الوزراء أو من الرئيس نفسه فإن الأمر يدعو إلى الإحباط واليأس. الهدف المعلن منذ بداية الحديث عن الإصلاح الاقتصادي هو تنويع الصادرات والتحرر من التبعية لعائدات المحروقات، وإلى حد الآن لم نتقدم في اتجاه هذا الهدف ولو بخطوة واحدة، وبعد سنوات من ارتفاع كبير وغير متوقع في الأسعار يقول لنا الرئيس إن تراجع الأسعار سيؤدي بنا إلى محنة وهذا يعني أننا نتراجع ولا نتقدم لأننا كنا نتدبر أمورنا بعائدات نفط سعره لا يتجاوز ثلاثين دولار واليوم لا نحتمل أسعارا تحت الثمانين أو السبعين دولار حسب التقديرات الرسمية. في منتصف ثمانينيات القرن الماضي عندما حلت الكارثة الاقتصادية بالبلد سمعنا كثيرا من الأفكار عن الأخطاء الفادحة التي ارتكبت والتي فوتت علينا فرصة الاستفادة من الطفرة النفطية لكن بعد عشرين عاما عادت الطفرة النفطية وولت دون أن نستفيد مرة أخرى، وهذا ليس له إلا معنى واحد وهو أن عجزنا حالت مستعصية على العلاج.