أعلن المجلس الدستوري أمس أن مشروع تعديل الدستور الذي بادر به رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة لا يمس البتة بالمبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري ولا بحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما ولا يمس كذلك بأي كيفية التوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات العمومية. الرأي المعلل للمجلس الدستوري جاء بعد أن أخطر رئيس الجمهورية المجلس الدستوري يوم 03 نوفمبر 2008 بشأن مشروع القانون المتضمن التعديل الدستوري بغرض مراقبة مطابقته للدستور وإبداء رأيه المعلل بشأنه. واستنادا لما ورد في البيان الصادر عن المجلس الدستوري، فقد التأم المجلس أيام 3، 4، 5، 6 و7 من شهر نوفمبر الجاري برئاسة بوعلام بسايح رئيس المجلس الدستوري لدراسة الموضوع المعروض عليه والفصل فيه، وطبقا للصلاحيات المخولة للمجلس الدستوري وعملا بالقواعد المحددة لإجراءات عمله وبعد التأكد من استيفاء مشروع القانون المتضمن التعديل الدستوري لجميع الشروط الإجرائية المحددة في الدستور، تقرر بأن هذه التعديلات لا تمس الآليات الدستورية التي تحكم العلاقات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. وأضاف البيان أن رأيه المعلل جاء بالنظر إلى أن مشروع التعديل الدستوري يهدف إلى دسترة مميزات العلم الوطني والنشيد الوطني بكامل مقاطعه باعتبارهما من رموز الثورة والجمهورية، كما يمثلان تراثا تشترك فيه جميع الأجيال ماضيا ومستقبلا بغرض إضفاء طابع الديمومة عليهما وتكريسهما كمعالم للأمة. وقد تم إدراج هذين الرمزين في المادة 178 من الدستور ضمن المواضيع التي لا يمكن أن يمسها أي تعديل دستوري بغرض ضمان حفظهما وحمايتهما. كما أن التعديل الدستوري تضمن التنصيص على ترقية كتابة التاريخ وتعليمه للأجيال الناشئة ضمن الدستور بصفته ملكا يتقاسمه جميع الجزائريين بغرض حفظ وتخليد الذاكرة الجماعية للشعب الجزائري وتعزيز المبادئ التي قامت عليها الأمة الجزائرية مع التأكيد على أن الدولة هي الجهة المخولة للقيام بهذا العمل. ويضاف إلى ذلك دعم الحقوق السياسية للمرأة بتوسيع حظوظ تمثيلها في المجالس المنتخبة، فهذه المهمة التي تقع على عاتق الدولة الهدف منها إزالة العقبات التي قد تعوق ازدهار المرأة وتحول دون مشاركتها الفعلية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية مثلما ينص عليه الدستور. أما فيما يتعلق بتمكين الشعب من ممارسة حقه كاملا في اختيار من يقود مصيره وتجديد الثقة فيه بكل سيادة، فإن السير العادي للنظام الديمقراطي يقتضي بأن الحائز على عهدة رئاسية ملزم بأن يعيدها عند انقضائها إلى الشعب الذي يملك دون سواه سلطة تقدير وتقييم الكيفية التي تمت بها ممارسة هذه العهدة فالشعب وحده هو الذي يقرر بكل سيادة وبكل حرية تجديد الثقة في رئيس الجمهورية أو سحبها منه. مشروع التعديل تضمن اعتماد تنظيم جديد للسلطة التنفيذية من الداخل بغرض إضفاء فعالية أكبر وتدقيق آليات تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية من قبل الوزير الأول، إذ أن هذا التنظيم الجديد حسب ما جاء في بيان المجلس يقتصر على استبدال وظيفة رئيس الحكومة بوظيفة الوزير الأول واستحداث وظيفة نائب أو عدة نواب للوزير الأول فضلا عن إنشاء ميكانيزمات أخرى من شأنها إضفاء المزيد من الوضوح على العلاقة بين رئيس الجمهورية والوزير الأول. وبعد الانتهاء من المداولة أصدر المجلس الدستوري أمس رأيه المعلل الذي صرح بموجبه أنه طبقا لأحكام الدستور لا سيما المادة 176 منه، فإن مشروع القانون المتضمن التعديل الدستوري الذي بادر به رئيس الجمهورية والذي أخطر بشأنه المجلس الدستوري للإدلاء برأيه المعلل لا يمس البتة المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما ولا يمس باي كيفية التوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية. ويشار إلى أن المجلس الدستوري سيبلغ رأيه المعلل إلى رئيس الجمهورية وسينشر في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية والشعبية.