دعا أمس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي "كناس" إلى التعامل بحذر كبير مع الأزمة المالية العالمية إضافة إلى وضع جهاز مراقبة واتخاذ مجموعة من التدابير والإجراءات للوقاية مما يعيشه الاقتصاد العالمي معتبرا التحويلات الاجتماعية في حاجة إلى إعادة هيكلتها قصد إضفاء فعالية أكبر على النشاط الاجتماعي للدولة وأورد "الكناس" أن سنة 2008 سجلت قوة أكبر في المؤشرات المالية الكبرى وسرعة في تطبيق برنامج التنمية، لكنها في المقابل سجلت خلال السداسي الأول ارتفاعا في فاتورة استيراد الحبوب، الأدوية والحليب بنسبة 60 % كما ارتفعت الواردات ب7.33 %. تضمن تقرير "الكناس" حول الظرف الاقتصادي والاجتماعي للسداسي الأول من سنة 2008، التأكيد على أن التهديدات التي خلقتها الأزمة المالية العالمية لم تؤثر بأي شكل من الأشكال على البرامج الاقتصادية والتجهيز ولا على التمويلات باعتبار أن المؤشرات الرئيسية المالية الكبرى، يضيف، تزداد قوة مع تسجيل سرعة في تطبيق البرنامج الوطني للتنمية، لكن رغم هذه الصورة الإيجابية التي رسمها "الكناس" إلا أنه دعا إلى ضرورة الحذر الكبير من استفحال هذه الأزمة واستمرارها. وأكد التقرير أن الاقتصاد الوطني يتوفر حاليا على إمكانيات تسمح له بتوقع آفاق إيجابية على المدى المتوسط بالنظر إلى النمو المسجل وتلاشي الهشاشة التي عانى منها بشكل تدريجي وهو نفس الشيء بالنسبة للهياكل القاعدية وتأهيل وعصرنة التجهيزات وتوزيع النشاطات على المناطق، داعيا إلى ضرورة وضع جهاز مراقبة واتخاذ مجموعة من الإجراءات للوقاية من الأزمة التي يعيشها الاقتصاد العالمي، وبرأي ا"الكناس" فإن ميزان المدفوعات قد يختل توازنه في حالة غياب إجراءات لضبط ما أسماه "متغير الاستيراد" كما لا يمكن الحفاظ على توازن التجارة الخارجية الحالية إذا لم يُؤخذ بعين الاعتبار عنصر الواردات سيما في سياق تقلبات اقتصادية دولية قوية، ودعا المجلس إلى إعادة هيكلة التحويلات الاجتماعية قصد إضفاء فعالية أكبر للنشاط الاجتماعي للدولة. وتضمنت الأرقام التي تضمنها التقرير، تحسن على صعيد الطلب الاجتماعي في مختلف المجالات فمعدل الاستفادة من الماء الشروب بلغ 93 بالمئة سنة 2008 مقابل 92 بالمئة سنة 2007 و78 بالمئة سنة 1999 كما ارتفع معدل الاستفادة من تكنولوجيات الإعلام والاتصال الحديثة، بحيث بلغت الشبكة الوطنية للألياف البصرية 66 ألف كلم مقابل 7 آلاف كلم سنة 1999 وانتقل عدد المشتركين بالحظيرة الثابتة إلى 2.3 مليون مشترككما انتقل متوسط معدل توصيل الغاز من 31 بالمئة سنة 2000 إلى 41 بالمئة السنة الجارية بينما ارتفع عدد المشتركين في شبكة الكهرباء من 6.4 بالمئة سنة 2000 إلى 6 ملايين سنة 2008 مع ارتفاع معدل التموين من 6.88 بالمئة سنة 2000 إلى 98 بالمئة سنة 2008. وبخصوص السيارات تم تسويق قرابة 136 ألف مركبة جديدة هلال السداسي الأول من 2008 أي بارتفاع قدره 37 بالمئة مقارنة بالسداسي الأول من سنة 2007 بقيمة تتعدى المليار دولار أمريكي، كما ارتفع عدد السياح الجزائريين بالخارج إلى أكثر من 5.1 مليون سنة 2008 ما يعني ارتفاعا قدره 3 بالمئة مقارنة ب2007. وسجل المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي ارتفاعا في فاتورة استيراد ثلاث منتوجات هي الحبوب، الأدوية والحليب ومشتقاته بحيث بلغت 42.3 مليار دولار خلال السداسي الأول من السنة الجارية مقابل 09.2 مليار دولار سنة 2007، أي بارتفاع يفوق ال60 بالمئة، وقد بلغت فاتورة استيراد الحبوب والسميد والدقيق 90.1 مليار دولار خلال الفترة المذكورة مقابل 910 مليون دولار خلال نفس الفترة من السنة الماضية، أما فاتورة استيراد الحليب ومشتقاته فقد ارتفعت إلى 740 مليون دولار مقابل 499 مليون دولار أي بارتفاع يعادل 48 بالمئة. وأمام هذا الوضع أكد "الكناس" ضرورة تنويع الاقتصاد والعمل من أجل تنمية الفلاحة والصناعات الغذائية الزارعية التي أصبحت "ضرورة ملحة" موضحا أن مثل هذه التبعية الغذائية لها أثارا سلبية. وعن التوازنات الخارجية، أورد التقرير أن الجزائر حققت خلال السداسي الأول من 2008، فائضا تجاريا قدره 62.22 مليار دولار بمعدل ارتفاع يقدر ب07.51 بالمئة مقارنة بنفس الفترة من 2007 وبلغ حجم الصادرات 53.40 مليار دولار فيما بلغ حجم الواردات 91.17 مليار دولار أي بزيادة تعادل 7.33 بالمئة. وفي الوقت الذي ينتظر فيه تحقيق نسبة نمو تعادل ال3.3 بالمئة عند اختتام السنة الجارية، جاء في التقرير أن نسبة التضخم بلغ 8.4 بالمئة عند نهاية جوان الماضي وهو ما تسبب فيه "الارتفاع الكبير" لأسعار المواد الغذائية والمواد الزراعية الطازجة والمنتوجات الصناعية. وفي مجمل الحديث تضمن تقرير المجلس أرقاما إيجابية بخصوص العديد من القطاعات بما في ذلك الأشغال العمومية الذي يُتوقع أن يحقق نموا يقدر ب4.9 بالمئة عند نهاية 2008 مقابل 8.9 بالمئة في 2007، إضافة إلى الري، السكن، مع تسجيل تراجع في محسوم الديون الداخلية ب60 بالمئة سنة 2008 وارتفاع الاستثمارات العمومية ب58 بالمئة. وأكد "الكناس" ان القطاع الخاص بالجزائر حاز على حصة "هامة" من القروض الموجهة للاستثمار بلغت نسبتها 95.52 في وقت "تراجعت فيه حصة القروض غير الناجعة" موضحا ضرورة عدم تجاهل مسالة الأمن المالي التي تفرض نفسها في سياسة تسيير المخاطر ومحذرا من كون "ان الديون المشبوهة وصلت الى مستويات مخيفة لدى القطاع الخاص الوطني"، واعتبر التقرير التمويلات الداخلية للاستثمار بمثابة الدرع لمواجهة التقلبات المتعلقة بالأزمة الاقتصادية العالمية وأداة هامة لمنح القروض من طرف النظام المصرفي الوطني.