يتوقع تقرير الظرف الإقتصادي والاجتماعي المقدم أمس من قبل ال"كناس" أن تنهي الجزائر سنة 2008 بمعدل عام للنمو مقدر ب3,3 بالمائة، يساهم فيه قطاع البناء والأشغال العمومية والري وكذا قطاع الخدمات بأكبر النسب المتراوحة على التوالي بين 9,4بالمائة و7,5 بالمائة. واعتبر المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي في تقريره الظرفي للسداسي الأول من سنة 2008 أن الارتفاع المتواصل لمعدل النمو الإقتصادي يشكل مؤشرا إيجابيا، ويبشر بآفاق أحسن على المدى المتوسط، لا سيما في ظل تنامي المؤشرات الرئيسية للاقتصاد الوطني خلال نفس الفترة، منبها في المقابل إلى أن الأزمة التي يعيشها الاقتصاد العالمي ومخاطر انعكاساتها على الاقتصاد الوطني على المديين القصير والمتوسط تستدعي وضع أجهزة رقابة واتخاذ مجموعة من الإجراءات الوقائية، من أهمها ضبط متغير الاستيراد للقضاء على الاختلال المسجل في ميزان المدفوعات والحفاظ على توازن التجارة الخارجية للجزائر، وكذا ضبط تسيير ميزانية الدولة والتحويلات الإجتماعية التي تحتاج حسب التقرير إلى إعادة هيكلتها من أجل ضمان فعالية أكبر للنشاط الإجتماعي للدولة. وتوقع التقرير انتقال الناتج الداخلي الخام خارج المحروقات من 6,3 بالمائة سنة 2007 إلى 6 بالمائة نهاية العام الجاري، فيما أبرز أهمية التحويلات الإجتماعية للدولة والمقدرة ب1083 مليار دينار في 2008 أو ما يعادل 13,6بالمائة من الناتج الداخلي الخام، في حين لم تكن هذه التحويلات تتعدى 7,85 بالمائة في1999. ومن ضمن ثمار الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة على الجبهة الإجتماعية، أشار التقرير إلى انخفاض نسبة البطالة من 29,5 بالمائة إلى 11,8 بالمائة نهاية 2007، بينما يتوقع أن تتراجع هذه النسبة إلى 10 بالمائة في آفاق 2010، لا سيما مع تطبيق برنامج رئيس الجمهورية لإنشاء مليوني منصب شغل. وفي هذا الإطار سجل تقرير الكناس، استحداث 500 ألف منصب شغل جديد إلى غاية نهاية 2007، وأكثر من 400 ألف منصب آخر حتى نهاية السداسي الأول من السنة الجارية، مبرزا في سياق متصل الأموال الضخمة التي خصصتها الدولة لدعم أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع والتي بلغت 2.8 مليار دولار. في هذا الإطار، أشارت وثيقة الكناس إلى أن النتائج الأولية للإحصاء الخامس العام للسكان والسكن أظهرت تحكما أكبر في النمو الديمغرافي من حيث اتجاهه، مبرزة التطور المسجل على صعيد الطلب الاجتماعي في مختلف المجالات، حيث بلغ معدل تزويد المنازل بالماء الشروب 93 بالمائة في 2008 مقابل 92 بالمائة في 2007 و78 بالمائة في 1999، مع ارتفاع متوسط التزويد بالماء الشروب بالنسبة للساكن الواحد إلى 165 لتر مقابل 123 لتر في 1999. كما انتقل معدل التوصيل بالكهرباء من 88,6 بالمائة سنة 2000 إلى 98 بالمائة سنة 2008. في حين بلغت الشبكة الوطنية للألياف البصرية 66 ألف كلم في 2008، مقابل 7000 كلم في 1999، وانتقل عدد المشتركين في الهاتف الثابت من 1,7 مليون مشترك في 1999 إلى 3,2 مليون مشترك في 2008. وبعد استعراضه للضغوطات الجديدة التي خلقها السياق الدولي، والمتمثلة أساسا في التباطؤ التدريجي للاقتصادي العالمي المسجل منذ سنة، بسبب عدة صدمات، قدر تقرير المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي أن الجزائر في مأمن من الصدمة الخارجية، الناجمة عن الأزمة المالية الدولية، و ذلك بفضل استراتيجية دفع الديون الخارجية التي انتهجتها، حيث بلغ حجم الديون نهاية جوان الماضي نحو 4 ملايير دولار على المديين المتوسط والطويل وهو ما يعادل 3,6 بالمائة من الناتج الداخلي الإجمالي لسنة 2007. كما أدرج التقرير العوامل المؤمنة للجزائر من الأزمة العالمية الأداء المرتفع لصادرات المحروقات التي بلغت 40 مليار دولار خلال السداسي الأول ل2008، وكذا الفائض المسجل في الحساب الجاري لميزان المدفوعات، البالغ 22,21 مليار دولار، والذي من شأنه تقوية الوضعية المالية الخارجية، وتغذية احتياطات الصرف المقدرة إلى غاية جوان الماضي ب133,235 مليار دولار. واعتبر التقرير التسيير المحكم لهذه الاحتياطات وتنوع توظيف الأموال وإيداعها واختيار الأموال غير الخطرة، بمثابة الضمان المزدوج للجزائر أمام الصدمات الخارجية. من جانب آخر أرجع تقرير المجلس بلوغ معدل التضخم نهاية جوان الماضي 4,8 بالمائة، إلى الارتفاع الكبير لأسعار المواد الغذائية الأساسية والمنتوجات الغذائية الصناعية والطازجة، مسجلا في المقابل أن المعدل الداخلي لهذا التضخم سجل انخفاضا كبيرا بفعل نشاط الدولة ورفع النفقات العمومية خلال العام الجاري. من جانب آخر وفي حين أشار إلى أن القطاع الخاص بالجزائر حاز على 52,95 بالمائة، من القروض الموجهة للاستثمار خلال سنة 2008، حذر التقرير من الديون المشبوهة التي وصلت إلى مستويات مخيفة لدى القطاع الخاص الوطني. الوضعية الاقتصادية والاجتماعية من 2005 إلى 2007 نمو اقتصادي متواصل بفضل سياسات الدولة الداعمة على صعيد آخر أبرزت الأرقام المقدمة في التقرير الثاني الذي عرضه المجلس الوطني الإقتصادي والاجتماعي أمس والمتعلق بالوضعية الاقتصادية والاجتماعية لسنوات 2005، 2006، 2007 ضرورة الانتقال بالاقتصاد الجزائري من اقتصاد التصدير إلى اقتصاد العرض، وتمت الإشارة في التقرير إلى أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي للجزائر خلال الثلاث سنوات الأخيرة تميز بنمو اقتصادي متواصل مدعم بمخطط دعم الإنعاش الاقتصادي والمخطط التكميلي لدعم النمو الاقتصادي وحركية ملحوظة لتعزيز صورة الجزائر في الخارج وادخار معتبر في الميزانية على خلفية استقرار الأسعار. وحسب الأرقام التي قدمها المجلس فقد عرفت نسبة البطالة انخفاضا منتظما منتقلة من 5،29 في المائة سنة 2000 إلى8,11 في المائة سنة 2006. كما انتقل الناتج الداخلي الإجمالي للفرد الجزائري من 3310 دولار سنة 2006 إلى 3968 دولار سنة 2007 أي بزيادة قدرها 26 في المائة، وارتفع استهلاك الأسر سنة 2007 بنسبة 4,7 بالمائة مقارنة بسنة 2006. كما سجل التقرير تحسنا شاملا في مجال التنمية البشرية من خلال تحسن ظروف معيشة السكان والاستفادة من خدمات الصحة، حيث انتقل العمر المتوقع لدى الجزائريين من 72,5 عاما في 2006 إلى75.5 عاما سنة 2007، وتراجع مؤشر الفقر البشري من 24,67 عام 1998 إلى 18,95 سنة 2006، في حين ارتفع توصيل شبكات المياه الصالحة للشرب ل92 بالمائة من السكان سنة 2007 مقابل 82 بالمائة سنة 2000. وعلى الصعيد الإقتصادي خلص المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي إلى أن تأمين المالية العمومية باعتباره استراتيجية تنموية باشرتها الدولة خلال المرحلة الانتقالية، أضحى من الأولويات التي ينبغي دعمها، مشيرا إلى أنه من ضمن الأدوات التي اعتمدتها الدولة في هذا الإطار، إنشاء صندوق خاص بتسيير فوائض عائدات المحروقات (صندوق ضبط العائدات) والتسيير الفعال للديون العمومية للدولة ومبدأ البرمجة الشاملة متعددة السنوات (البرنامج التكميلي لدعم النمو (2005- 2009) وكذا نظام جبائى ناجع وعصري.