أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي أن الاقتصاد الجزائري عرف نموا متواصلا خلال الفترة الممتدة بين 2005-2007 إلا أنه لا يزال عرضة للصدمات الخارجية لكونه اقتصادا ناشئا في طور الانتقال، وأضاف أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي للأمة خلال الثلاث سنوات الأخيرة تميز "بنمو اقتصادي متواصل مدعم بمخطط دعم الإنعاش الاقتصادي والمخطط التكميلي لدعم النمو الاقتصادي وحركية ملحوظة لتعزيز صورة الجزائر في الخارج وادخار معتبر في الميزانية على خلفية استقرار الأسعار". جاء في تقرير ال "كناس" نشر أمس، أن حصيلة السنوات الثلاث الأخيرة التي تميزت خاصة "بالانطلاق الفعلي للورشات الكبرى المدرجة ضمن مخطط دعم النمو الاقتصادي وتعزيز القدرات المالية على مستوى احتياطات الصرف وقدرات التمويل العمومي" سمحت بإحراز تقدم في العديد من المجالات الاقتصادية والاجتماعية. وتظهر هذه النجاحات، حسب نفس التقرير، في مجالات التجهيزات العمومية ومنشآت الطرق والمياه والموانئ والتقليص الكبير من ضغط الطلب على الشغل والسكن والتربية ووسائل النقل والتجهيزات المنزلية، وحسب الأرقام التي قدمها المجلس فقد عرفت نسبة البطالة انخفاضا منتظما منتقلة من 5.29 في المائة سنة 2000 إلى 8.11 في المائة سنة 2006، كما انتقل الناتج الداخلي الإجمالي للفرد الجزائري من 3310 دولار سنة 2006 إلى 3968 دولار سنة 2007 أي بزيادة قدرها 26 في المائة وارتفع استهلاك الأسر سنة 2007 بنسبة 7.4 مقارنة بسنة 2006. وفيما يخص التنمية البشرية فقد سجلت "تحسنا شاملا" خلال هذه الفترة من خلال تحسن ظروف معيشة السكان والاستفادة من خدمات الصحة حيث انتقل العمر المتوقع لدى الجزائريين من 5.72 عام في 2006 إلى 7.75 سنة في 2007 و تراجع مؤشر الفقر البشري من 67.24 عام 1998 إلى 95.18 سنة 2006 وارتفع توصيل شبكات المياه الصالحة للشرب إلى 92 في المائة من السكان سنة 2007 مقابل 82 في المائة سنة 2000. وعلى الصعيد الاقتصادي فقد تجلت هذه النجاحات في مجال تنظيم الاقتصاد الوطني على صعيد تناسق المنشآت الكبرى والأجهزة المؤسساتية للضبط واستراتجيات تسطير السياسات العمومية، وأدرجت مختلف قطاعات النشاط الاقتصادي ضمن منظور استراتيجي لإعادة الانتشار تجسد من خلال مشروع الإستراتجية الصناعية وإنشاء الأقطاب الجامعية للبحث وتصعيد وتيرة البرنامج الوطني للتنمية الفلاحية والريفية. وشهدت بدورها التوازنات الاقتصادية الكلية تحسنا تميز بالتسريع في مسار تسديد الديون الخارجية حيث تم تسديد حوالي 17 مليار دولار منذ سنة 2004 وتم تخفيض الديون على المديين المتوسط والطويل من 4.21 مليار دولار سنة 2004 إلى أقل من 5 ملايير دولار سنة 2007، كما لاحظ التقرير أن التسديد المسبق للديون كانت له "انعكاسات جد ايجابية" على السيولة المالية للجزائر سمحت بتجنب الخيارات السياسة الاقتصادية للبلاد للتأثيرات الخارجية. ومن جهة أخرى ألح معدو التقرير على أهمية "نشاطات الضبط لمواجهة العوامل الخارجية المختلفة التي انتشرت في ظل ضعف التحكم في تشكيل المداخيل وتوزيعها"، ويبدو حسب هؤلاء أن "للعوامل غير المادية كالحكم الراشد والمعرفة والإنصاف دور مهم في دفع الإنتاجية والنمو وإرساء السلم الاجتماعي بشكل مستديم". كما أشار المجلس إلى أن التحولات الجارية في مجال الاقتصاد "لم تسمح ببروز حركيات جديدة في مجال المبادرة والاستثمار حيث تكبحها عقليات تقوم على الريع لا تزال متوكرة في عدد من الميادين"، ورغم هذا أضاف التقرير فان جاذبية الجزائر في مجال الاستثمار تتأكد أكثر فأكثر حيث أنها أصبحت قطبا مفضلا للاستثمارات المباشرة الأجنبية. وفي نفس السياق اعتبر التقرير أن "الاقتصاد الجزائري لا يزال عرضة للصدمات الخارجية" مشيرين إلى أن الأزمة المالية الدولية الراهنة وتداعياتها المحتملة على الاقتصاديات الفعلية قد تسبب في تدهور أسعار النفط الذي يعتبر أهم منتوج للصادرات الجزائرية.