أصدر المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي بحر الأسبوع الجاري حصيلة التقرير الشامل للفترة الممتدة من 2005 إلى ,2007 على أن يتم تشكيل لجنة من 8 فروع لتدارسه واستدراك ما يحتمل أن يكون التقرير قد أهمله، مع تحديد تاريخ 15 نوفمبر الجاري كموعد نهائي لانطلاق عمل اللجنة. وأشار التقرير فيما يتعلق بالحصيلة التي تخص السنوات الثلاثة الأخيرة إلى تميزها بالانطلاق الفعلي للورشات الكبرى المدرجة ضمن مخطط دعم النمو الاقتصادي، على جانب تسديد الديون للمترتبة على الاقتصاد الوطني، وتعزيز القدرات المالية سواء على مستوى احتياطي الصرف أو قدرات التمويل العمومي التي تشكل عوامل ضمان لانجاز البرنامج العمومي على المدى المتوسط، مضيفا أن التزام السلطات العمومية تعهدات استقرار الاقتصاد الكلي والمالي قد تعزز بمحيط اقتصادي وسياسي ملائم، مما سمح ببعث عدة حركيات تدعيما للأشغال الكبرى للمنشآت، التي تمحورت حول عمليات إعادة هيكلة الاقتصاد، التنسيق ما بين وسائل التسيير والتنظيم، وترقية وجهة الجزائر، دون إغفال التقدم المحرز في العديد من المجالات الاجتماعية. وأفاد تقرير المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي للوضعية العامة في نفس الفترة أن السنوات الثلاثة الماضية اتسمت بنمو اقتصادي متواصل، معززا بمخطط دعم الإنعاش الاقتصادي والمخطط التكميلي لدعم النمو، فضلا عن الحركيات الملحوظة لتعزيز صورة الجزائر في الخارج، وادخار معتبر في الميزانية، على خلفية استقرار الأسعار. ------------------------------------------------------------------------ الاقتصاد الوطني لا يزال عرضة للصدمات ------------------------------------------------------------------------ أوضح تقرير الكناس الذي تحصلت ''الحوار'' على نسخة منه أن الاقتصاد الوطني لا يزال عرضة للصدمات الخارجية، بفعل ارتفاع أسعار المواد الأولية، لا سيما المواد الغذائية منها، إضافة على ما قد تتسبب فيه الأزمة المالية الدولية وتداعياتها المحتملة على الاقتصاديات الناشئة في تدهور حاد لأسعار النفط، الذي يعتبر أهم منتوج للصادرات الجزائرية، وإن سجلت الصادرات خارج المحروقات نموا ضئيلا. وفي هذا السياق، تبين من التقرير عودة الاتجاه نحو الارتفاع خارج قطاع المحروقات، فيما يتعلق بنسبة النمو في الفترة الممتدة من 2005 إلى ,2007 إلى 3ر6 بالمائة العام ,2007 مقابل 7ر4 بالمائة، و6ر5 بالمائة في 205 و2006 على التوالي، نتيجة الدعم الذي قدمته برامج التجهيز العمومي، على جانب التحولات الكبرى في العديد من المخططات التنموية، في حين بلغ حجم المحروقات في هيكل الصادرات الوطنية نسبة 98 بالمائة، ما يعني أن الصادرات خارج المحروقات لم تتعد 1ر3 مليار دولار خلال العام .2007 من جهة أخرى، أصاف المصدر أن التحولات الجارية والفرص العديدة التي سايرتها الجزائر، لم تسمح ببروز حركيات جديدة في مجال المبادرة والاستثمار، نتيجة كبحها بعقليات تقوم على الريع في عدد كبير من الميادين، ومع ذلك تتأكد جاذبية الجزائر للاستثمارات الخارجية، حيث أضحت قطبا مفضلا لها، وهو ما يعكس من ناحية أخرى أهمية الخيارات المتخذة في مجال التعديلات التشريعية والمؤسساتية، مؤكدا أن عوامل الحكم الراشد، اقتصاد المعرفة تبقى من بين أهم عوامل دفع الإنتاجية والنمو وإرساء السلم الاجتماعي بشكل مستدام. وأشار التقرير إلى ضعف التحكم في تشكيل المداخيل وتوزيعها، ما يستدعي القيام بنشاطات الضبط، لمواجهة الظروف الجديدة للتوازن الاجتماعي والاقتصادي، المتولدة عن التحولات الجذرية التي تعهدها المجتمع، فضلا عن عدم تعزيز النظام الإنتاجي الوطني، على الرغم من ارتفاع نسبة النمو خارج المحروقات. ------------------------------------------------------------------------ تحسن الوضع الخارجي رغم هشاشة الاقتصاد ------------------------------------------------------------------------ أشار ذات التقرير إلى استمرار تحسن الوضع الخارجي الجزائري سنة ,2007 بفضل ارتفاع صادرات المحروقات، على الرغم من ارتفاع الواردات في نفس السنة، خاصة ما يتعلق منها بواردات السلع الاستهلاكية والرساميل، إذ ساهم النمو الكبير لعائدات المحروقات في تغطية هذه الواردات. وعلى الرغم من ارتفاع الصادرات خارج المحروقات بقيمة 32ر1 مليار دولار نهاية ,2007 فهي لا تمثل سوى نسبة 21ر2 بالمائة من مجموع الصادرات، ما يبين أن الاقتصاد الوطني لا يزال هشا. كما عرف الرصيد التجاري تراجعا طفيفا بعد أن سجل ثلاثة فوائض تجارية قياسية متتالية منذ سنة ,2004 لكنه استقر في حدود 30 مليار دولار، حيث بلغ 5ر32 مليار دولار سنة ,2007 مقابل 1ر33 مليار دولار سنة ,2006 وبلغت نسبة تغطية الواردات بالصادرات 218 بالمائة العام ,2007 مقابل 255 بالمائة في .2006 من جهة أخرى، تسارع مسار تسديد الديون الخارجية خلال العام ,2006 فقد تم تسديد حوالي 17 مليار دولار منذ ,2004 وتم تخفيض محسوم الديون على المدى الطويل والمتوسط من 4ر21 مليار دولار سنة ,2004 إلى أقل من 5 ملايير في نهاية ,2007 أ بما يقارب 6ر3 بالمائة من الناتج الداخلي الإجمالي، مقابل 2ر25 بالمائة سنة ,2004 كما بلغت نسبة خدمة الديون 26ر2 بالمائة، مقابل 5ر9 بالمائة سنة .2005 وقد كان للتسديد المسبق للديون انعكاسات جد ايجابية على السيولة المالية للجزائر، ما سمح بتجنب خيارات السياسة الاقتصادية للتأثيرات الخارجية. ودفع النمو المعتبر للأرصدة الخارجية خلال الفترة الممتدة من 2005 إلى 2007 إلى تسريع وتيرة نمو الكتلة النقدية خلال نفش الفترة، وأضحت سيولة الاقتصاد الوطني عاملا هاما لارتباط فائض السيولة بتحسن الخزينة العمومية التي استفادت بدورها من الظرف النفطي المناسب سنة .2000 ------------------------------------------------------------------------ ارتفاع معدل تمويل الاقتصاد إلى 22.15 بالمائة ------------------------------------------------------------------------ سجلت القروض الموجهة للاقتصاد ارتفاعا ملموسا خلال العام ,2007 حيث بلغت 6ر2298 مليار دينار، أي ما يعادل 22ر15 بالمائة، ويعتبر هذا المستوى اقل من انخفاضا من المستوى المحقق في سنة 2005 ب 94ر15 بالمائة، لكنه أكبر من المستوى المسجل في 2006 ب 16ر12 بالمائة بما في ذلك الديون التي استرجعتها الخزينة. وانتقلت حصة القطاع الخاص من القروض الموجهة للاقتصاد بنسبة 8ر52 بالمائة سنة ,2007 مقابل 6ر50 بالمائة سنة ,2005 بالنظر إلى تحسن حصة البنوك الخاصة في تمويل القروض التي انتقلت إلى 11 5 بالمائة، مقابل 1ر7 بالمائة العام ,2004 ونسبة 3ر9 بالمائة سنة .2006 وسمحت عصرنة آليات إعادة التمويل وضمان القروض والاستثمار وإنشاء شركات ذات رأسمال استثماري، على جانب تطبيق سياسة توزيع الديون، بالتطور الايجابي لسوق الرساميل، حيث سمح تطبيق هذه الوسائل خلال سنة ,2007 باستيعاب مبلغ متوسط يقدر ب 1273 مليار دينار، من أصل مبلغ متوسط لفائض السيولة مقدر ب 1553 مليار دينار، بحسبان كل الاحتياطات الإجبارية، أي بنسبة قدرها 82 بالمائة. وأضحى تأمين المالية العمومية باعتباره إستراتيجية تنموية باشرتها الدولة خلال هذه المرحلة من بين الأهداف الرامية إلى تمويل أكبر للاقتصاد الوطني، عن طريق صندوق خاص بتسيير فوائد عائدات المحروقات، التسيير الفعال للديون العمومية للدولة واستحداث برنامج تكميلي لدعم النمو للفترة الممتدة من 2005 على .2007 وقد تجاوزت الموارد المتوفرة لدى صندوق ضبط العائدات، بعد تشديد محسوم الديون المقدرة ب 320 مليار دينار في نهاية ,2007 أي حوالي 46 مليار دولار، مع وجوب مساهمة هذه الوافرات المالية الهامة في ضمان التوازن المالي إلى غاية ,2009 وكذا الاستمرار في تمويل النفقات العمومية، لا سيما منها تلك الموجهة للتجهيز. ------------------------------------------------------------------------ تدارك العجز الاجتماعي ------------------------------------------------------------------------ تعتبر مكافحة البطالة أحد الميادين التي حققت نتائج حاسمة في مجال تدارك العجز الاجتماعي، حيث عرفت نسبتها انخفاضا منتظما منتقلة من 5ر92 بالمائة سنة ,2000 إلى 8ر11 بالمائة خلال العام ,2006 موازاة مع التطورات المعتبرة التي تعرفها ظروف الأسر المعيشية من حيث السكن، الاستفادة من شبكات الطرق والمياه الصالحة للشرب، التزود بالكهرباء، والتي شكلت مؤشرات هامة لانعكاسات البرامج التنموية حسب تقرير الكناس. وينعكس مؤشر تدارك العجز الاجتماعي عموما في انتقال الناتج الداخلي الإجمالي من 3310 دولار سنة ,2006 إلى 3968 دولار سنة ,2007 أي بزيادة قدرها 26 بالمائة، في حين أن النتاج الداخلي الإجمالي لكل ساكن قد سجل انخفاضا كبيرا خلال الفترة الممتدة من 1990 إلى ,1995 حيث انتقل من 2473 دولار أمريكي إلى 1498 دولار، كما يتبين من خلال ارتفاع استهلاك الأسر بنسبة 7ر4 بالمائة مقارنة مع ,2006 ومنذ سنة 2005 أصبحت وتيرة نمو الاستهلاك تفوق وتيرة الناتج الداخلي الخام. أما فيما يتعلق بالتنمية البشرية فقد اجمع كل من التقرير العالمي والتقارير الوطنية على التوجه نحو التحسن الشامل، حيث انتقل مؤشر العمر المتوقع من 807ر0 سنة ,2006 إلى 845ر0 سنة ,2006 أي بمستوى مماثل للنسب المسجلة في الدول التي حققت نموا بشريا مثل بولندا، المجر والأرجنتين. كما انعكس مؤشر الفقر البشري تراجع رقعة الفقر الذي انتقل من 67ر24 بالمائة سنة 1998 إلى 95ر18 بالمائة سنة ,2006 بفضل الالتزام المستمر بتقليص العجز المسجل في مجالات الصحة والتربية والحماية الاجتماعية. وبلغت نسبة توصيل الأسر بشبكات المياه الصالحة للشرب 92 بالمائة سنة ,2007 مقابل 82 بالمائة سنة ,2000 على أن يتجه المنحى الحالي نحو تعميم التوصيل بشبكة المياه الصالحة للشرب، والرفع من معدل تزويد السكان على 160 لتر في النسمة، مقابل 23 لتر في النسمة سنة .1999 وأفاد تقرير الكناس خلال الفترة الممتدة من 2000 إلى 2006 ارتفاع الدخل المتوفر لدى الأسر والاستهلاك الثاني بوتيرة أسرع من وتيرة النمو الديمغرافي، الأمر الذي يعكس التحصين الحقيقي للقدرة الشرائية للمواطن.