قرأت مؤخرا في إحدى الصحف اليومية الصادرة بالعربية مقالا للزميل والصديق صالح خوري، خص جزء منه للتغيرات التي مست وزارة الاتصال ومؤسستي الاذاعة والتلفزيون، وأبدى تفاؤلا وترحيبا بالوافدين الجدد على رأس هذه المؤسسات، وإذ نشاركه التفاؤل في إمكانية التغيير والتجديد ومسايرة التطور الذي تشهده وسائل الاتصال على اختلاف أشكالها، فإنني أريد أن أشير الى جانب آخر من هذا التغيير، وأعتقد بأنه مهم ومؤشر على توجه جديد يأخذ بعين الاعتبار الاختصاص الذي هو الركيزة الأساسية في تحقيق التطور المنشود• إن التعيين الذي شمل وزارة الاتصال التي أصبحت كتابة دولة ملحقة بالوزارة الأولى والإذاعة الوطنية والتلفزيون والذي وضع على رأسها زملاء من الذين مارسوا مهنة الاعلام والاتصال وساهموا بشكل أو بآخر في تطور الصحافة الوطنية منذ بداياتها وتقلبوا في المسؤوليات من أبسطها الى القمة مما أكسبهم تجربة وخبرة ليس في الميدان فقط ولكن أيضا في معرفتهم بالكفاءات والقدرات، وبالتالي فإن الأمر سوف يكون هينا عليهم في الاختيار والتسيير• فكاتب الدولة للاتصال، الصحفي والشاعر والروائي الزميل عز الدين ميهوبي، مشهود له بالقدرة وأثبت في الميدان أنه رجل إعلامي بأتم معنى الكلمة•• وهنا أذكر عندما تولى رئاسة تحرير الشعب في الثمانينات والتي كان على رأسها الزميل المرحوم كمال عياش، وكانت آنئذ ناطقة باسم حزب جبهة التحرير الوطني أعطيا لها دفعا في الاقبال حتى أصبحت تسحب أضعافا مضاعفة على ما كانت عليه، وذلك بسبب المواضيع المختارة للطرح والتعليق والتحليل، وكذلك أسلوب التغطية للأخبار من منطلق خبرة عالية ورؤى سياسية واعية بمتطلبات المرحلة وتطوراتها، إن على المستوى الوطني الداخلي أو على المستوى العربي والدولي• كما كانت للزميل الوزير تجارب في إدارة صحيفة رياضية حققت له النجاح حتى أصبح قلما رائدا وحاضرا في العديد من الصحف والمجلات العربية• أما مدير التلفزيون الزميل عبد القادر عولمي، فليس غريبا عن المؤسسة التي يعرفها جيدا وبتفاصيل تختصر له الطريق نحو إعطائها المزيد من الريادة لتكون مؤسسة إعلامية متميزة تلعب دورا فاعلا في الساحة الوطنية دون أن تتعثر في مطبات هي في غنى عنها خاصة وأنها تتوفر على عدد هائل من الطاقات والقدرات التي بإمكانها أن تبدع كما أبدع الآخرون الذين هاجروا إلى فضائيات الآخرين• وعندما أصل الى الزميل توفيق خلادي، المعين على رأس الاذاعة الوطنية فإنني أتحدث عنه بكثير من الارتياح لأننا ترافقنا لمدة طويلة بوكالة الأنباء الجزائرية، وهو من الصحفيين الذين أبدوا تفوقا في طريقة العمل الإعلامي الذي تتميز به وكالة الأنباء عن غيرها من المؤسسات الاعلامية الأخرى المكتوبة والمسموعة والمرئية •• فالوكالة هي مصدر الأنباء والمعلومات التي توزع داخليا وعالميا، وهي المسؤولة عن أي خبر رسمي يصدر مهما كان، رئاسيا، وزاريا، قرارات، أو مواقف رسمية للدولة، وبالتالي فالتعامل هنا دقيق وحساس ومسؤول• ولقد تقلب في العديد من المناصب التي أكسبته خبرة أعتقد أنها ستكون نعم الزاد له في هذه المسؤولية التي لها خصائص أيضا وطريقتها في التعاطي رسميا وجماهيريا، سياسيا، وثقافيا، وطنيا ودوليا وحتى محليا، وهو في كل ذلك ليس وحده بل في إذاعتنا الوطنية بكل قنواتها المركزية المحلية قدرات وطاقات وكفاءات لها التجربة وتتمع بروح المسؤولية وكل ما ينقصها لإطلاق ما تختزنه من إبداع وتفوق، هو وضعها في المكان الذي تستحقه وإعطاؤها الفرصة التي تستحق• أقول ذلك لأصل إلى نقطة أساسية وهي أن التغيير ليس في هذه المواقع واستبدال المدراء، ولكن التغيير الأهم أن هذه المؤسسات الاعلامية التي تتحكم في الإعلام والاتصال قد أصبحت تدار من أهلها ومن أصحاب المهنة•• ولعل ذلك يفتح الباب أمام كل الكفاءات المتخصصة لتأخذ حظها في تولي المواقع التي تساهم من خلالها في تنمية الوطن وتحقيق المزيد من النجاحات•••