أبدى عامة الجزائريين تضامنهم مع أهلنا في غزة على غرار باقي الشعوب في مختلف العواصم، وامتلأت قلوبهم بمشاعر المواساة مع الضحايا هناك، في الوقت الذي اشتدّ استياؤه من العدوان الجبان والحقد الأعمى لقوات الجيش الصهيوني وآلة القتل والدمار التي تطال النساء والأطفال والبنية التحتية للمدينة المحاصرة ظلما وعدوانا منذ أكثر من عام. لكن الجزائريين في مختلف أنحاء البلد ومن مختلف الفئات العمرية والاجتماعية اصطدموا بواقع أمني مرير يعوقهم عن إبداء آرائهم ومشاركة إخوانهم في المحنة، وكثيرا ما أدى ذلك إلى الصدام بين المتظاهرين خاصة طلبة الجامعات وقوات الأمن التي تمنعهم من الخروج عن الحرم الجامعي والتظاهر العلني بحجة عدم حصولهم على رخصة..! بالرغم من تغيّر الظروف التي صدر كان وراء القرار الصادر عن وزارة الداخلية عام 2001 والقاضي بمنع المسيرات الشعبية والتظاهر العلني إلاّ أن السلطات العمومية في الجزائر لا تزال تتكئ على نفس القانون لمنع المسيرات الشعبية المنددة بالعدوان الصهيوني على غزة. لا يهم هنا أن يظهر النظام السياسي في الجزائر كغيره من الأنظمة العربية التي تمنع المسيرات وتقمع المتظاهرين، وربما لا يهم أيضا الإرث الثوري للجزائر ومكانتها الدولية وتميّز سياستها الخارجية وأداء دبلوماسيتها القائم على مبادئ مستمدة منن نضال الأمة وثورتها ضد الاستعمار والاستغلال وضد قوى الهيمنة التي استغّلت شعوب العالم الثالث ولا تزال.. لا تبدو الجزائر حريصة كل الحرص على ذلك، فلسنا محسوبين على دول الاعتدال العربية حليفة أمريكا في المنطقة وأعني مصر والأردن والمملكة السعودية، ولا أتصور أن الجزائر تسعى لذلك إلاّ أن تكون حليفة لأمريكا في محاربتها للإرهاب وضمن القانون الدولي والذي يميّز بالتأكيد بين الحركات التحررية والحركات الإرهابية. لماذا تخشى السلطة من أن يعبّر الشارع الجزائري عن تضامنه مع أهلنا في غزة وعن غضبه واستيائه من جرائم الحرب التي يرتكبها جنود السفّاح باراك؟ هل تكفي التجمعات داخل القاعات والفضاءات المجاورة لها من التنفيس عن غضب الشارع الجزائري ومؤازرته القومية والدينية للشعب الفلسطيني الصامد هناك؟ إن التمسّك بغلق المجال في قضية حسّاسة كهذه لا يبدو قرارا مدروسا ولا حكيما، ويمكن طلب مساعدة الأحزاب والتنظيمات لتأطير المسيرات وضبطها، أما اعتقال الشارع ف..لا..! "ألقوا بالثورة في الشارع لتحتضنها الجماهير.." الشهيد العربي بن مهيدي