أسدل الستار أمس على فترة حكم الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش والتي استمرت 8 سنوات، تلك الفترة التي شهد فيها العالم وخاصة العربي والإسلامي أياما حالكة السواد على أيدي المحافظين الجدد الذين سكنوا البيت الأبيض لثماني سنوات وحوله بأفعالهم وقرارتهم إلى بيت أسود. أمس خرج أسوأ رئيس حكم الولاياتالمتحدةالأمريكية من البيت الأبيض، رئيس مسيحي متعصب ورط جيشه في احتلال دولتين إسلاميتين هما أفغانستان والعراق ثم ختم عهده بوقوع واحدة من أبشع المجازر المنهجية التي شهدتها البشرية في قطاع غزة، على يدي الحليف الأوثق لواشنطن، إسرائيل. أمس خرج بوش الصغير والذي توّج نهاية حكمه بأكبر كساد اقتصادي بعد الكساد العظيم عام 1929. هذه الأزمة التي أسهمت في تراجع شعبية الحزب الجمهوري لحساب الحزب الديمقراطي الخصم. أمّا الكارثة الاقتصادية، فقد أسفرت حتى الآن عن تصاعد الدين العام الأمريكي ليصل إلى 3.11 تريليون دولار، بزيادة أكثر من 5 تريليونات في عهده، وانهيار العديد من المؤسسات المالية الكبرى، إلى جانب انهيار سوق العقارات وزيادة البطالة، التي وصلت في العام الماضي فقط إلى 5.2 مليون عاطل عن العمل. وللدلالة على سوء وضعه في آواخر ولايته، فإن حزب بوش الجمهوري ومرشّحيه لانتخابات الرئاسة الأمريكية والكونغرس، سعوا إلى النأي بأنفسهم عنه، وعدم دعوته إلى حضور مؤتمر الحزب الجمهوري، الذي عقد في سانت بول في ولاية مينيسوتا في سبتمبر 2008، بالرغم من أنه الرئيس الدوري للحزب. أمس خرج هذا الرئيس والذي جاء بالتزوير للبيت الأبيض ليظل جاسما على صدور العرب والمسلمين لمدة ثماني سنوات، وجلب معه الخراب والدمار للعديد من الدول العربية والإسلامية والتي تتنفس هذا اليوم فقط الصعداء بعد خروجه بلا رجعة. ويذكر ان بوش فاز برئاسة الولاياتالمتحدة بقرار من المحكمة العليا، التي انقسمت على أساس حزبي لمصلحته ضد منافسه الديمقراطي آل غور، بعدما شابت الانتخابات شبهة التزوير التي اتهمت بها أمينة ولاية فلوريدا، حيث كان جيب شقيقه حاكماً. وفي انتخابات عام 2004، فاز بوش على منافسه الديمقراطي جون كيري، بنسبة 7.50 في المئة، مقابل 3.48 في المئة. وقال منتقدون إن شبهة تزوير أيضاً ربما وقعت في ولاية أوهايو. سنوات بوش السوداء كانت وبالاً على العالم وخاصة الوطن العربي، ولم يشهد العرب هذه الحالة من التبعثر والانقسام والتشتت كالتي ألمّت بهم خلال ولايتي المحافظين الجدد التي اعتمدت استراتيجية الحروب ضد العرب، وفي موازاة ذلك مدّ الإرهاب الصهيوني بكل ما يحتاج إليه من دعم وحماية، على مختلف الأصعدة، وتحديداً مدّه بأحدث ما في الترسانة الأمريكية من أسلحة الموت والدمار الشامل. ولم يجد بوش، في خطابيه الوداعيين يومي الخميس والسبت الماضيين، رداً على كل الانتقادات التي وُجّهت لحكمه، سوى اعتراف بأنه ارتكب بالفعل أخطاءً وأن العالم سيشهد يوم الثلاثاء مدى حيوية الديمقراطية الأمريكية. يبقى أن الشعب الأمريكي بغالبيته عبّر عن اعتقاده بأن فترة حكم بوش اتسمت بالفشل. وأشارت نتائج استطلاع للرأي أجرته شبكة التلفزيون الأمريكية "سي. إن. إن" ونُشرت الأحد الماضي، إلى أن أكثر من ثلثي الأمريكيين (68 في المئة) يعتقدون أن فترة حكم بوش كانت فاشلة، فيما يرى 32 في المئة أن فترة حكمه كانت ناجحة. ويعتقد نحو 50% ممن شاركوا في الاستطلاع أن الولاياتالمتحدة ربما كانت أفضل حالاً اليوم لو انتُخب الديمقراطي آل غور رئيساً للبلاد بدلاً من جورج بوش في انتخابات عام 2000.