طالب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بمعاقبة إسرائيل على جرائم الحرب التي اقترفتها في غزة، واصفا العدوان الأخير على القطاع ب "أبشع تقتيل وأشرس وأعنف عدوان شهده عصرنا"، وشدّد في المقابل على ضرورة إيجاد حل عاجل للخلافات التي تنخر وحدة الصف الفلسطيني ورأى في ذلك الخيار الوحيد لتحقيق النصر وتسهيل عملية إعادة الإعمار. قال رئيس الجمهورية في كلمة ألقاها خلال الجلسة المغلقة حول غزة بالقمة الاقتصادية العربية بالكويت، إن ما جرى في القطاع "ليس سوى جريمة حرب لا بد من معاقبة مقترفها"، منتقدا المجتمع الدولي على عدم إلزامه الكيان الصهيوني بتنفيذ القرارات الأممية، وأورد في هذا الشأن أنه "من حق الأمة العربية أن تطالب بترجمة الرفض الدولي للهمجية بقرارات من مجلس الأمن وفرض تطبيقها على إسرائيل". وتابع رئيس الجمهورية أنه يتعين أيضا على منظمة الأممالمتحدة أن "تعمل بالمعيار الساري، معيار وجوب حماية المدنيين حين تعرضهم لعدوان يعد بكل المقاييس إجراما في حق الإنسانية"، وهاجم إسرائيل التي قال إنها مارست تحت أنظار العالم أبشع تقتيل بذريعة الدفاع عن النفس، متسائلا: "فأين هو الدفاع عن النفس ونحن أمام تباين فادح بين القوى وأمام طرف يحتكر استعمال القوة احتكار كليا ويمارس حربا ضروسا لا تبقي ولا تذر على مجتمع أعزل محروم من كل قدرة عسكرية دفاعية..؟". ودافع بوتفليقة في كلمته عن موقف الجزائر حيال القضية الفلسطينية خاصة لدى إشارته إلى أن الشعب الجزائري خرج من تلقاء نفسه إلى الشارع وعبر عن تضامنه مع فلسطين وعن سخطه واستنكاره للعدوان على غزة، مؤكدا أن هذه الوضعية "لا تستوجب منا التضامن فحسب، بل تستوجب تجديد الالتزام والمساندة المطلقة حتى يتم التوصل إلى توفير ما يلزم لضمان حماية الشعب الفلسطيني". إلى ذلك حذر من عواقب من تداعيات أن تظل الخروق الخطيرة التي اقترفتها إسرائيل في حق الشرعية الدولية بلا عقاب، وإن بقى الحال على ذلك فإنه "لن يبقى لنا سوى أن نقرأ السلام على نظام حماية الإنسانية"، مضيفا بأن ما جرى "طعن صريح في مصداقية الشرعية الدولية وصحة المبادئ الديمقراطية التي عبث بها الظلم بما ساقه من انتهاكات للحقوق ونكران للقيم الإنسانية وهد لمصداقية المجتمع الدولي هو الآخر". وفي تشخيصه للعدوان الأخير على غزة أفاد الرئيس بوتفليقة أن "الشعب الفلسطيني إذ تصدى لأشرس وأعنف عدوان شهده عصرنا إنما ضرب موعدا جديدا مع التاريخ.."، منتقدا مرة أخرى تعامل مجلس الأمن ومنظمة الأممالمتحدة مع ما جرى من تقتيل بقوله: "هناك جانب آخر من الإشكالية الناجمة عن هذه السياسة العدوانية المتهورة له صلة بدور مجلس الأمن الذي يتحمّل بمقتضى ميثاق الأممالمتحدة المسؤولية الأولى في مجال حفظ السلام والأمن في العالم والذي يفترض أن يتخذ التدابير الضرورية..". وأمام هول ما جرى، اعتبر رئيس الجمهورية أنه من المهم العمل في الوقت الراهن "على إيجاد حل عاجل للخلافات التي تنخر وحدة الصف الفلسطيني، علما أن ضمان استعادة وحدة الصف وتحقيق النصر يتوقفان على الحوار والمصالحة"، ورأى بوتفليقة في هذه المصالحة التي اشترط أن تكون دائمة، خيارا لا بد منه لصد العدوان ولإعادة الإعمار، مشيرا إلى أن مأساة غزة لا تزال ترمي بثقلها على الأطراف الفاعلة في القضية الفلسطينية. كما لفت بوتفيلقة إلى أنه بقدر ما تمعن إسرائيل في إذلال الفلسطينيين وقهرهم وبقدر ما تريد استنزاف قوتهم وتشتيت صفهم قصد انتزاع التنازلات منهم تلو التنازلات، وأنه بقدر ما تسلط عليهم التقتيل والترهيب فإنها ستؤول لا محالة إلى إقحام المنطقة في وضع وخيم لا سبيل إلى التحكم فيه. وزيادة على تأكيد الرئيس بوتفليقة حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة عاصمتها القدس، أكد أن "قادة الثورة الفلسطينية هم الذين تؤول إليهم مسؤولية إعادة بناء الوحدة الوطنية حول إستراتيجية مشتركة كفيلة بضمان حقوقهم المشروعة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للبقاء عاصمتها القدس". ودعا رئيس الجمهورية إلى الإسراع في تنفيذ آليات إعادة إعمار غزة من خلال إعداد مخطط استعجالي خاص بذلك والإسهام في تمويله، مؤكدا أنه يتعين أيضا على إسرائيل رفع كل القيود المفروضة كل نقاط العبور لوصول المساعدات الاستعجالية، كما يتوجب على السلطات الفلسطينية أن تتخذ الإجراءات التنظيمية التي تضمن النجاعة.