أعلن رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أمس في القمة الاقتصادية والتنموية الاجتماعية بالكويت عن مساهمة الجزائر بمبلغ 200 مليون دولار لإعادة إعمار غزة إثر الدمار الكبير الذي ألحقه بها العدوان الإسرائيلي الغاشم، ودعا في كلمته خلال الجلسة المخصصة لغزة، إلى ضرورة إيجاد حل عاجل للخلافات التي تنخر وحدة الصف الفلسطيني عبر اتباع أسلوب الحوار والمصالحة الوطنية. وأكد الرئيس بوتفليقة خلال الجلسة التي خصصها ملوك ورؤساء الدول العربية المشاركة في قمة الكويت أول أمس لدراسة الوضع المترتب عن العدوان الإسرائيلي الجائر على قطاع غزة وإعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب في القطاع، ضرورة تبني الحوار والمصالحة الوطنية لضمان استعادة وحدة الصف الفلسطيني وتحقيق النصر على أعداء الأمة. مشيرا إلى أن قادة الثورة الفلسطينية تؤول إليهم مسؤولية إعادة بناء الوحدة الوطنية حول استراتيجية مشتركة كفيلة بضمان حقوقهم المشروعة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للبقاء عاصمتها القدس الشريف. كما دعا في هذا الصدد كل القادة العرب إلى مرافقة هذا المسار الحاسم، معتبرا أنه من واجب جميع القادة تجديد الالتزام الصريح تجاه القضية الفلسطينية، لتعود هذه الأخيرة إلى المكانة المركزية، بصفتها القضية الأساس التي يتمحور حولها الإجماع العربي. وفي حين أكد أن ما جرى في غزة ليس سوى جريمة حرب "لا بد من معاقبة مقترفها"، أشاد السيد بوتفليقة بصمود الشعب الفلسطيني وتضحياته الجسام واستماتته في مقاومة العدوان الصهيوني الظالم، وكتابته "بالدماء لصفحة مشرقة تضاف إلى تاريخه المجيد"، متأسفا لعجز مجلس الأمن مرة أخرى وبقائه بلا حراك أمام ما وقع في غزة، ودعا القادة العرب إلى تكريس الالتزام والمساندة المطلقة للشعب الفلسطيني، حتى يتم التوصل إلى توفير ما يلزم لضمان حمايته بانسحاب جيش الاحتلال ورفع الحصار الظالم الذي يخنق أنفاس أهالي غزة. كما ناشد رئيس الجمهورية المجموعة الدولية التعهد من جديد بالالتزام بمراعاة الشرعية الدولية، مشددا على ضرورة فرض سلطان القانون أمام مثل هذا الإجرام، الذي ظل المجتمع الدولي ساكتا عنه. واعتبر في هذا الإطار أن للأمة العربية كل الحق في أن تطالب بترجمة الرفض الدولي للهمجية التي عاشها الشعب الفلسطيني بقرارات من مجلس الأمن وفرض تطبيقها على إسرائيل، مطالبا منظمة الأممالمتحدة بواجب العمل بالمعيار الساري لحماية المدنيين الذين تعرضوا لعدوان يعد بكل المقاييس إجراما في حق الإنسانية. من جانب آخر شدد الرئيس بوتفليقة على ضرورة السهر من أجل إيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب الفلسطيني في غزة، داعيا السلطات الفلسطينية من جهة إلى اتخاذ الإجراءات التنظيمية التي تضمن النجاعة في استقبال المساعدات الاستعجالية، والقادة العرب من جهة ثانية، إلى بذل الجهود اللازمة للمساعدة على إعادة الإعمار والتنمية في القطاع، من خلال مساعدة الفلسطينيين على إعداد مخطط إعادة الإعمار والإسهام في تمويله. وفي هذا الصدد أكد رئيس الجمهورية أن توفير شروط تسوية هذا النزاع ومعالجة تبعاته على أهالي غزة، يقتضي تجندا تاما من قادة الدول العربية وتجندا من المجتمع الدولي واهتمامه اهتماما موصولا بموضوع تسوية القضية الفلسطينية تسوية عادلة ونهائية. وقد نوه الرئيس بوتفليقة بالنتائج المثمرة التي توصلت إليها القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية بالكويت، مؤكدا في رسالة إلى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت بأن النتائج الباهرة التي توجت بها هذه القمة، ستكون لها آثار إيجابية في العمل العربي مستقبلا، على اعتبار أنها أعادت اللحمة للعلاقات العربية ودعمت الصف ووحدت الكلمة. وأشاد الرئيس بالجهود التي بذلها أمير دولة الكويت وما سخره من وسائل لإنجاح هذا الحدث الهام في تاريخ العلاقات البينية العربية، مشيرا إلى أن هذا اللقاء الذي اجتمع فيه القادة العرب للتباحث حول الشأن الاقتصادي التنموي والاجتماعي لأول مرة لصياغة مشروع شامل لتحقيق اندماج الاقتصاد العربي، سمح بإيلاء الوضع في غزة الاهتمام اللائق الذي ارتفع إلى مستوى الحدث. كما أعرب من جانب آخر عن اغتباطه لفحوى المحادثات التي جمعته بأمير دولة الكويت والتي "مكنت من تدارس القضايا المصيرية للأمة العربية ومن استعراض التطورات السارة التي تشهدها العلاقات الجزائرية-الكويتية"، لا سيما منذ زيارته إلى دولة الكويت شهر أفريل المنصرم. للإشارة فقد غادر السيد عبد العزيز بوتفليقة الكويت أمس بعد مشاركته في القمة العربية الاقتصادية والتنموية الاجتماعية التي انعقدت تحت شعار "التضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة".