عرض الوثائقي " آثار تخترق الزمن " حول جرائم التعذيب الفرنسي في المعتقلات خلال الثورة التحررية    افتتاح معرض جماعي للخط العربي بالعاصمة    بنك الجزائر ينشر تعليمتين تتعلقان باعتماد البنوك الرقمية    استحداث مدارس عليا للأساتذة في مختلف المدن الجامعية    حل الدولتين يعد الطريق الوحيد لتحقيق السلام في فلسطين    ممارسة التعذيب على الجزائريين إبان الحقبة الاستعمارية    إحباط إدخال كميات معتبرة من المؤثرات العقلية    ولايات الغرب على موعد بأمطار وبرد    وزارة التربية تصدر بيانا يخص مشاركة الموظفين    قد تفلت منا صناعة التاريخ..؟!    قناة "فرانس 2″تبث توليفة إعلامية تخدم أجندة سياسية محددة    الطلبة يحسّسون بأخطار المخدرات    قناة "فرانس 2" تستعين بالخونة لمهاجمة الجزائر    تكفُّل بالمرضى وضمان للمناوبات    فضيحة اعتقال طفلة في المغرب تؤجّج غضب الحقوقيين    ترامب يلقي أول خطاب أمام الكونغرس    محرز: جاهزون لمباراة بوتسوانا وهذه رسالتي للجزائريين    استقرار في أسعار الخضر والفواكه    مشكلة جديدة لبلايلي مع الترجي والإدارة تتدخل    قمتان في وهران وقسنطينة ومهمة صعبة لبلوزداد بالبيّض    حين يلتقي الفن بروحانية الشهر الفضيل    شهر الجود    إنهاء مهام المدير العام ل"بريد الجزائر"    تحييد 4 إرهابيين واسترجاع أسلحة وذخيرة    سفارة اليابان تتبرّع لجمعية أولياء الأطفال المعاقين    32 سؤالا ل7 وزراء بالمجلس الشعبي الوطني    التعاون مع الصومال وموزمبيق في مجال الاتصالات    معرض الجزائر للسكك الحديدية في جوان القادم    "قسيمتك".. منصة لاقتناء قسيمة السيارات عن بُعد    الجزائر تعزّز شراكاتها    مدارس عُليا جديدة للأساتذة..    الرابطة الثانية – هواة /الجولة 22/ : نجم بن عكنون ومستقبل الرويسات في مهمة صعبة خارج الديار    توقيف مروّجي سموم بالبُرج    كرة اليد/القسم الممتاز/سيدات/ تسوية الرزنامة : فوز نادي فتيات بومرداس على نادي باش جراح    هذه توضيحات وزارة التربية..    هذه تفاصيل خطّة العرب لإعمار غزّة    الأغواط: حرم الخليفة العام للطريقة التجانية بعين ماضي في ذمة الله    توزيع مزيد من السكنات في جويلية    رمضان شهر العتق من النيران    اجتماع تنسيقي لتطويرآليات العمل المشترك لخدمة الحجاج والمعتمرين    معسكر..فتح أزيد من 40 مطعما تضامنيا للإفطار في رمضان    كرة القدم داخل القاعة (دورة الصحافة): تعثر فريق وكالة الأنباء الجزائرية أمام المركز الدولي للصحافة في أول مباراة له    المغرب: فضيحة اعتقال الطفلة ملاك تؤجج غضب الحقوقيين    فرحتان للصائم    حنان ميزول أخبار اليوم : تستهويني المرأة المُكافِحة التي ترفع التحدي وتواجه الصعوبات    تصفيات كأس العالم 2026 (الجولة الخامسة): رياض محرز يؤكد جاهزية "الخضر" للعودة بالفوز من بوتسوانا    أوبك تحيي الذكرى ال50 لقمة الجزائر التاريخية لقادة المنظمة    تصفيات كأس العالم 2025 (أقل من 17 سنة):المنتخب الجزائري يواصل تحضيراته لمواجهة بوتسوانا    وزير الطاقة يعرض مشروع قانون ينظم النشاطات المنجمية    وحدة المضادات الحيوية ستشرع في الإنتاج جوان المقبل    لجنة خاصة للتكفّل الأمثل بالحجّاج في المطارات    "بنات المحروسة" و"اللي فات مات" على منصة "شاهد"    "آثار تخترق الزمن" يفتتح موسم رمضان    صلاة التراويح تحمي من الأمراض    المهرجان الثقافي الوطني للعيساوة بميلة: انتقاء 14 فرقة وجمعية للمشاركة في الطبعة ال14    سعيود يترأس اجتماعا ليرى مدى تقدم تجسيد الترتيبات    رمضان فرصة لإزالة الأحقاد من النفوس    المدية: وحدة المضادات الحيوية لمجمع "صيدال" تشرع في الإنتاج يونيو المقبل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القمة العربية الاقتصادية بالكويت
نشر في المواطن يوم 06 - 10 - 2008

قدم رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة مساهمة أثناء الجلسة المخصصة لغزة خلال القمة العربية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المنعقدة بالكويت فيما يلي نصها الكامل :
القمة العربية الاقتصادية بالكويت النص الكامل لمساهمة الرئيس بوتفليقة في الجلسة المخصصة لغزة قدم رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة مساهمة أثناء الجلسة المخصصة لغزة خلال القمة العربية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المنعقدة بالكويت فيما يلي نصها الكامل : "باسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين. أصحاب الجلالة و السمو أصحاب المعالي و السعادة حضرات السيدات و السادة ها نحن مرة أخرى نجتمع على جناح السرعة التي اقتضاها الوضع المزري البائس المفروض على إخواننا الفلسطينيين في غزة بفعل العدوان الإسرائيلي. هذا العدوان الهمجي ما زال إلى حد الآن مسلطا على الشعب الفلسطيني. وعدد الضحايا ما انفك يتزايد بإزهاق أرواح المئات من الأطفال والنساء والشيوخ طلبا لغايات خبيثة على مرأى ومسمع من العالم المشدوه والهيئات الدولية المشلولة. إن هذا طعن صريح في مصداقية الشرعية الدولية وصحة المبادئ الديمقراطية التي عبث بها الظلم بما ساقه من انتهاكات للحقوق و نكران للقيم الانسانية وهد لمصداقية المجتمع الدولي هو الآخر. إن الشعب الفلسطيني إذ تصدى لأشرس وأعنف عدوان شهده عصرنا إنما ضرب موعدا جديدا مع التاريخ. و قد جلبت له استماتته في المقاومة والصمود التقدير والإكبار عبر العالم و ازداد اعتبارا في نظر الرأي العام الدولي وفي نظر جميع أنصار قيم العدالة ومثل السلم. إننا نحيي هذا الشعب الشقيق الذي نراه يكتب بالدماء صفحة مشرقة تنضاف إلى تاريخه المجيد . ونترحم بخشوع وإجلال على أرواح الذين جادوا بأرواحهم ونالوا الشهادة. إن الشعب الجزائري الذي كابد ويلات حربه التحريرية وضحى بالنفس والنفيس من أجل استرجاع حريته واستقلاله يدرك معنى ما يقاسيه أهالي غزة من عذاب و من ثمة فإنه يؤيد كفاحهم و يشاطرهم آلامهم. بباعث من تشبعه بعبر تاريخه الحافل خرج الشعب الجزائري من تلقاء نفسه إلى الشارع وعبر عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني وعن سخطه واستنكاره للعدوان وهو على قناعة بأن التضحيات والآلام لا تذهب سدى وبأن النصر سيحالف لا محالة قضية الشعب الفلسطيني مهما كانت الصعوبات والمحن. أصحاب الجلالة و السمو أصحاب المعالي و السعادة حضرات السيدات و السادة تلكم هي القناعة الراسخة في الوجدان الجماعي العربي التي يجب أن تحدو أعمالنا وتحركنا المشترك خاصة ونحن في عهد يتهدد فيه العالم العربي غياب الثقة في النفس والشعور بالعجز والإحباط . إن التضحيات الجسام التي يتكبدها سكان غزة يوما بعد يوم لا تستوجب منا التضامن فحسب بل تستوجب تجديد الالتزام والمساندة المطلقة حتى يتم التوصل إلى توفير ما يلزم لضمان حماية الشعب الفلسطيني بالحصول على إيقاف العدوان وانسحاب جيش الاحتلال ورفع الحصار الظالم الذي يخنق أنفاس أهالي غزة. علينا أن نعمل على إيجاد حل عاجل للخلافات التي تنخر وحدة الصف الفلسطيني علما أن ضمان استعادة وحدة الصف وتحقيق النصر يتوقفان على الحوار والمصالحة الوطنية. إن إخواننا قادة الثورة الفلسطينية هم الذين تؤول إليهم مسؤولية إعادة بناء الوحدة الوطنية حول استراتيجية مشتركة كفيلة بضمان حقوقهم المشروعة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للبقاء عاصمتها القدس. علينا أن نرافق هذا المسار الحاسم و من واجبنا نحن فيما يخصنا أن نجدد إلتزامنا الصريح تجاه القضية الفلسطينية التي يتعين أن تعود إلى المكانة المركزية بصفتها القضية الأساس التي يتمحور حولها الإجماع العربي وهو الإجماع القائم . لقد كان و ما يزال احتلال الأراضي العربية وضمها منذ عام 1967 بالقوة وخرق الشرعية الدولية السبب الأول للعنف في المنطقة. و العنف هذا لن يزول إلا بزوال الاحتلال و إحقاق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني . و الحقيقة هذه التي تشكل هي الأخرى عنصرا من عناصر الإجماع لا بد من التذكير بها بوضوح و بقوة. بالفعل رأينا إسرائيل تذرعت بدعوى الدفاع عن النفس المشروع ومارست تحت أنظار العالم أبشع تقتيل . فأين هو الدفاع عن النفس ونحن أمام تباين فادح بين القوى وأمام طرف يحتكر استعمال القوة احتكار كليا و يمارس حربا ضروسا لا تبقي و لا تذر على مجتمع أعزل محروم من كل قدرة عسكرية دفاعية يواجه بها العدوان الإسرائيلي. و مهما يكن فإن حقيقة الصور التي لا تكذب جعلت العالم يدرك أن الدفاع عن النفس المزعوم والضرورة الأمنية ليسا في الواقع إلا مجرد تعلات يقصد بها تغطية نظام يضاهي نظام الأبارتيد (التفرقة العنصرية) وتبرير إبادة شعب بأكمله. إن الصور الرهيبة التي جاءتنا من غزة قد اهتز الضمير العالمي لما حملته من بشاعة و همجية. لا بد من التغيير و ليس هناك ما يسوغ للمجتمع الدولي أن يظل ساكتا عن هذا الإجرام و لا مناص من فرض سلطان القانون. من حق الأمة العربية أن تطالب بترجمة الرفض الدولي للهمجية بقرارات من مجلس الأمن و فرض تطبيقها على إسرائيل . يتعين على منظمة الأمم المتحدة أن تعمل بالمعيار الساري معيار وجوب حماية المدنيين حين تعرضهم لعدوان يعد بكل المقاييس إجراما في حق الإنسانية. إن ما جرى في غزة ليس سوى جريمة حرب لا بد من معاقبة مقترفها. فذلك يفرض على المجموعة الدولية التعهد من جديد بالإلتزام بمراعاة الشرعية الدولية كما يفرض إعادة طرح موضوع الشرعية على بساط النقاش . ذلك أن الأمر لا يتعلق بمصير الشعب الفلسطيني فحسب بل إنه يتعلق بمصير نظام الأمن الجماعي الذي اعتمدته المجموعة الدولية من أجل إتقاء مخاطر طغيان القوة على الحق في العالم. يبدو أن هذه الشرعية الدولية التي يعتد بها البعض عند حدوث الأزمات في العالم يتوقف نفوذها وسريانها عند حدود إسرائيل. إن إسرائيل هذه إذ تحظى بمباركة سياستها العدوانية وسياسة الأمر الواقع ونكران حق الغير تعرض حلفاءها والعالم إلى ما لا تحمد عقباه. فبقدر ما تمعن إسرائيل في إذلال الفلسطينيين وقهرهم و بقدر ما تريد استنزاف قوتهم وتشتيت صفهم قصد انتزاع التنازلات منهم تلو التنازلات وبقدر ما تسلط عليهم التقتيل والترهيب وبقدر ما تحشرهم في غيتوهات فإنها ستؤول لا محالة إلى إقحام المنطقة في وضع وخيم لا سبيل إلى التحكم فيه. إن هذه السياسة بما ينجر عنها من تجاوزات خطيرة ستغذي نقمة العالم و لا سيما نقمة الشعوب العربية والإسلامية هذه الشعوب التي سينتابها التذمر والسخط اللذان يتولد عنهما الحقد ثم العنف . والنزعة هذه تقوض تلك الجهود المبذولة في سبيل استتباب السلم و المصالحة والتقليص من رقعة التطرف و العنف هذا و قد أدى التسفيه المنهجي للمجموعة الدولية وتثبيط جهودها من أجل إيجاد حل دائم للنزاع إلى زرع الإحباط في نفوس الشعوب العربية التي لا ترى تقدما في الميدان سوى للسطو على الأراضي وقطع أشجار الزيتون وتدمير البيوت لتمكين المستوطنات من التوسع. أصحاب الجلالة و السمو أصحاب المعالي و السعادة حضرات السيدات و السادة لقد اتضح لنا جميعا و لكل أولئك الذين بذلوا عبر العالم عن حسن نية جهودا جساما و راهنوا على البحث عن صيغة تؤدي إلى حل شامل عادل و دائم للنزاع بالشرق الأوسط أن هذه العمليات لم يكن لها من غاية و يا للأسف إلا إلهاء الرأي العام ريثما يخلو السبيل لإسرائيل لبناء مستوطنات جديدة وتغيير التركيبة الديمغرافية للقدس ولتحدث بوجه أعم بالقوة و بالدم واقعا جديدا في الميدان. هناك جانب آخر من الإشكالية الناجمة عن هذه السياسة العدوانية المتهورة له صلة بدور مجلس الأمن الذي يتحمل بمقتضى ميثاق الأمم المتحدة المسؤولية الأولى في مجال حفظ السلام والأمن في العالم والذي يفترض أن يتخذ التدابير الضرورية في العمل على إعادة السلم الدولي كلما طرأ عليه طارئ. و الحال أن مجلس الأمن أظهر عجزه مرة أخرى وإلا كيف يمكن أن نتقبل أن يظل بلا حراك أمام ما يقع في غزة فلئن ظلت كل الخروق الخطيرة التي اقترفت في حق الشرعية الدولية وكل ما اجترح من جرائم من قبل إسرائيل بلا عقاب فلن يبقى لنا سوى أن نقرأ السلام على نظام حماية الحقوق الإنسانية. أصحاب الجلالة و السمو أصحاب المعالي و السعادة حضرات السيدات و السادة لا بد من السهر عاجلا على إيصال المساعدات الإنسانية المكدسة التي لا يصل منها على وفرتها النظرية إلا قدر قليل غير كاف إلى سكان غزة بحكم القيود الصارمة التي تفرضها القوات الإسرائيلية في نقاط العبور التي يكتسي فتحها على وجه السرعة أهمية حيوية. و لضمان نجاعة و نجاح هذه العمليات الاستعجالية يتعين على السلطات الفلسطينية أن تتخذ الإجراءات التنظيمية التي تضمن النجاعة في استقبال المساعدات. فضلا عن المساعدة الاستعجالية هذه لابد أن نوطن أنفسنا منذ الآن على بذل مساعدة على إعادة الإعمار و التنمية. من ثمة يتعين علينا مساعدة الفلسطينيين على إعداد مخطط لإعادة إعمار هذا القطاع الذبيح و الإسهام في تمويله . لكن الحصول الفعلي على هذه المساعدة الدولية يقتضي من الشعب الفلسطيني استعادة وحدة صفه من خلال مصالحة وطنية حقة يكتب لها الدوام . ذلكم هو بالذات الشرط الذي يتأتى به للشعب الفلسطيني مواجهة كافة التحديات التي تعترض سبيله لمقارعة العدو و لفرض سلام عادل ومشرف يتيح له حشد طاقاته في خدمة رقي قاطبة الشعب الفلسطيني وتنميته. إن مأساة غزة ما تزال ترمي بثقلها على الأطراف الفاعلة في القضية الفلسطينية. ليس هناك من شك في أن توفير شروط تسوية هذا النزاع و معالجة تبعاته على أهالي غزة يقتضي تجندنا التام وتجند المجتمع الدولي واهتمامه اهتماما موصولا بموضوع تسوية القضية الفلسطينية تسوية عادلة ونهائية. وقد تشهد سنة 2009 إن شاء الله تقدما نوعيا في التكفل بالنزاع الإسرائيلي العربي. إن المجموعة العربية تنفطر ألما من انقسام صفوفها. وقد استفاد أعداؤنا وخصومنا من هذا الضعف. و إنه لمن واجبنا السياسي والأخلاقي أن نضطلع بمسؤولياتنا حتى نضع حدا في أقرب الآجال لهذه الوضعية التي لا ينبغي أن تلهي إخواننا الفلسطينيين عن مهمتهم التاريخية ألا وهي تحرير فلسطين. أشكركم على كرم الإصغاء. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته". النص الكامل لمساهمة الرئيس بوتفليقة في الجلسة المخصصة لغزة قدم رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة مساهمة أثناء الجلسة المخصصة لغزة خلال القمة العربية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المنعقدة بالكويت فيما يلي نصها الكامل : "باسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه إلى يوم الدين. أصحاب الجلالة و السمو أصحاب المعالي و السعادة حضرات السيدات و السادة ها نحن مرة أخرى نجتمع على جناح السرعة التي اقتضاها الوضع المزري البائس المفروض على إخواننا الفلسطينيين في غزة بفعل العدوان الإسرائيلي. هذا العدوان الهمجي ما زال إلى حد الآن مسلطا على الشعب الفلسطيني. وعدد الضحايا ما انفك يتزايد بإزهاق أرواح المئات من الأطفال والنساء والشيوخ طلبا لغايات خبيثة على مرأى ومسمع من العالم المشدوه والهيئات الدولية المشلولة. إن هذا طعن صريح في مصداقية الشرعية الدولية وصحة المبادئ الديمقراطية التي عبث بها الظلم بما ساقه من انتهاكات للحقوق و نكران للقيم الانسانية وهد لمصداقية المجتمع الدولي هو الآخر. إن الشعب الفلسطيني إذ تصدى لأشرس وأعنف عدوان شهده عصرنا إنما ضرب موعدا جديدا مع التاريخ. و قد جلبت له استماتته في المقاومة والصمود التقدير والإكبار عبر العالم و ازداد اعتبارا في نظر الرأي العام الدولي وفي نظر جميع أنصار قيم العدالة ومثل السلم. إننا نحيي هذا الشعب الشقيق الذي نراه يكتب بالدماء صفحة مشرقة تنضاف إلى تاريخه المجيد . ونترحم بخشوع وإجلال على أرواح الذين جادوا بأرواحهم ونالوا الشهادة. إن الشعب الجزائري الذي كابد ويلات حربه التحريرية وضحى بالنفس والنفيس من أجل استرجاع حريته واستقلاله يدرك معنى ما يقاسيه أهالي غزة من عذاب و من ثمة فإنه يؤيد كفاحهم و يشاطرهم آلامهم. بباعث من تشبعه بعبر تاريخه الحافل خرج الشعب الجزائري من تلقاء نفسه إلى الشارع وعبر عن تضامنه مع الشعب
الفلسطيني وعن سخطه واستنكاره للعدوان وهو على قناعة بأن التضحيات والآلام لا تذهب سدى وبأن النصر سيحالف لا محالة قضية الشعب الفلسطيني مهما كانت الصعوبات والمحن. أصحاب الجلالة و السمو أصحاب المعالي و السعادة حضرات السيدات و السادة تلكم هي القناعة الراسخة في الوجدان الجماعي العربي التي يجب أن تحدو أعمالنا وتحركنا المشترك خاصة ونحن في عهد يتهدد فيه العالم العربي غياب الثقة في النفس والشعور بالعجز والإحباط . إن التضحيات الجسام التي يتكبدها سكان غزة يوما بعد يوم لا تستوجب منا التضامن فحسب بل تستوجب تجديد الالتزام والمساندة المطلقة حتى يتم التوصل إلى توفير ما يلزم لضمان حماية الشعب الفلسطيني بالحصول على إيقاف العدوان وانسحاب جيش الاحتلال ورفع الحصار الظالم الذي يخنق أنفاس أهالي غزة. علينا أن نعمل على إيجاد حل عاجل للخلافات التي تنخر وحدة الصف الفلسطيني علما أن ضمان استعادة وحدة الصف وتحقيق النصر يتوقفان على الحوار والمصالحة الوطنية. إن إخواننا قادة الثورة الفلسطينية هم الذين تؤول إليهم مسؤولية إعادة بناء الوحدة الوطنية حول استراتيجية مشتركة كفيلة بضمان حقوقهم المشروعة وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للبقاء عاصمتها القدس. علينا أن نرافق هذا المسار الحاسم و من واجبنا نحن فيما يخصنا أن نجدد إلتزامنا الصريح تجاه القضية الفلسطينية التي يتعين أن تعود إلى المكانة المركزية بصفتها القضية الأساس التي يتمحور حولها الإجماع العربي وهو الإجماع القائم . لقد كان و ما يزال احتلال الأراضي العربية وضمها منذ عام 1967 بالقوة وخرق الشرعية الدولية السبب الأول للعنف في المنطقة. و العنف هذا لن يزول إلا بزوال الاحتلال و إحقاق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني . و الحقيقة هذه التي تشكل هي الأخرى عنصرا من عناصر الإجماع لا بد من التذكير بها بوضوح و بقوة. بالفعل رأينا إسرائيل تذرعت بدعوى الدفاع عن النفس المشروع ومارست تحت أنظار العالم أبشع تقتيل . فأين هو الدفاع عن النفس ونحن أمام تباين فادح بين القوى وأمام طرف يحتكر استعمال القوة احتكار كليا و يمارس حربا ضروسا لا تبقي و لا تذر على مجتمع أعزل محروم من كل قدرة عسكرية دفاعية يواجه بها العدوان الإسرائيلي. و مهما يكن فإن حقيقة الصور التي لا تكذب جعلت العالم يدرك أن الدفاع عن النفس المزعوم والضرورة الأمنية ليسا في الواقع إلا مجرد تعلات يقصد بها تغطية نظام يضاهي نظام الأبارتيد (التفرقة العنصرية) وتبرير إبادة شعب بأكمله. إن الصور الرهيبة التي جاءتنا من غزة قد اهتز الضمير العالمي لما حملته من بشاعة و همجية. لا بد من التغيير و ليس هناك ما يسوغ للمجتمع الدولي أن يظل ساكتا عن هذا الإجرام و لا مناص من فرض سلطان القانون. من حق الأمة العربية أن تطالب بترجمة الرفض الدولي للهمجية بقرارات من مجلس الأمن و فرض تطبيقها على إسرائيل . يتعين على منظمة الأمم المتحدة أن تعمل بالمعيار الساري معيار وجوب حماية المدنيين حين تعرضهم لعدوان يعد بكل المقاييس إجراما في حق الإنسانية. إن ما جرى في غزة ليس سوى جريمة حرب لا بد من معاقبة مقترفها. فذلك يفرض على المجموعة الدولية التعهد من جديد بالإلتزام بمراعاة الشرعية الدولية كما يفرض إعادة طرح موضوع الشرعية على بساط النقاش . ذلك أن الأمر لا يتعلق بمصير الشعب الفلسطيني فحسب بل إنه يتعلق بمصير نظام الأمن الجماعي الذي اعتمدته المجموعة الدولية من أجل إتقاء مخاطر طغيان القوة على الحق في العالم. يبدو أن هذه الشرعية الدولية التي يعتد بها البعض عند حدوث الأزمات في العالم يتوقف نفوذها وسريانها عند حدود إسرائيل. إن إسرائيل هذه إذ تحظى بمباركة سياستها العدوانية وسياسة الأمر الواقع ونكران حق الغير تعرض حلفاءها والعالم إلى ما لا تحمد عقباه. فبقدر ما تمعن إسرائيل في إذلال الفلسطينيين وقهرهم و بقدر ما تريد استنزاف قوتهم وتشتيت صفهم قصد انتزاع التنازلات منهم تلو التنازلات وبقدر ما تسلط عليهم التقتيل والترهيب وبقدر ما تحشرهم في غيتوهات فإنها ستؤول لا محالة إلى إقحام المنطقة في وضع وخيم لا سبيل إلى التحكم فيه. إن هذه السياسة بما ينجر عنها من تجاوزات خطيرة ستغذي نقمة العالم و لا سيما نقمة الشعوب العربية والإسلامية هذه الشعوب التي سينتابها التذمر والسخط اللذان يتولد عنهما الحقد ثم العنف . والنزعة هذه تقوض تلك الجهود المبذولة في سبيل استتباب السلم و المصالحة والتقليص من رقعة التطرف و العنف هذا و قد أدى التسفيه المنهجي للمجموعة الدولية وتثبيط جهودها من أجل إيجاد حل دائم للنزاع إلى زرع الإحباط في نفوس الشعوب العربية التي لا ترى تقدما في الميدان سوى للسطو على الأراضي وقطع أشجار الزيتون وتدمير البيوت لتمكين المستوطنات من التوسع. أصحاب الجلالة و السمو أصحاب المعالي و السعادة حضرات السيدات و السادة لقد اتضح لنا جميعا و لكل أولئك الذين بذلوا عبر العالم عن حسن نية جهودا جساما و راهنوا على البحث عن صيغة تؤدي إلى حل شامل عادل و دائم للنزاع بالشرق الأوسط أن هذه العمليات لم يكن لها من غاية و يا للأسف إلا إلهاء الرأي العام ريثما يخلو السبيل لإسرائيل لبناء مستوطنات جديدة وتغيير التركيبة الديمغرافية للقدس ولتحدث بوجه أعم بالقوة و بالدم واقعا جديدا في الميدان. هناك جانب آخر من الإشكالية الناجمة عن هذه السياسة العدوانية المتهورة له صلة بدور مجلس الأمن الذي يتحمل بمقتضى ميثاق الأمم المتحدة المسؤولية الأولى في مجال حفظ السلام والأمن في العالم والذي يفترض أن يتخذ التدابير الضرورية في العمل على إعادة السلم الدولي كلما طرأ عليه طارئ. و الحال أن مجلس الأمن أظهر عجزه مرة أخرى وإلا كيف يمكن أن نتقبل أن يظل بلا حراك أمام ما يقع في غزة فلئن ظلت كل الخروق الخطيرة التي اقترفت في حق الشرعية الدولية وكل ما اجترح من جرائم من قبل إسرائيل بلا عقاب فلن يبقى لنا سوى أن نقرأ السلام على نظام حماية الحقوق الإنسانية. أصحاب الجلالة و السمو أصحاب المعالي و السعادة حضرات السيدات و السادة لا بد من السهر عاجلا على إيصال المساعدات الإنسانية المكدسة التي لا يصل منها على وفرتها النظرية إلا قدر قليل غير كاف إلى سكان غزة بحكم القيود الصارمة التي تفرضها القوات الإسرائيلية في نقاط العبور التي يكتسي فتحها على وجه السرعة أهمية حيوية. و لضمان نجاعة و نجاح هذه العمليات الاستعجالية يتعين على السلطات الفلسطينية أن تتخذ الإجراءات التنظيمية التي تضمن النجاعة في استقبال المساعدات. فضلا عن المساعدة الاستعجالية هذه لابد أن نوطن أنفسنا منذ الآن على بذل مساعدة على إعادة الإعمار و التنمية. من ثمة يتعين علينا مساعدة الفلسطينيين على إعداد مخطط لإعادة إعمار هذا القطاع الذبيح و الإسهام في تمويله . لكن الحصول الفعلي على هذه المساعدة الدولية يقتضي من الشعب الفلسطيني استعادة وحدة صفه من خلال مصالحة وطنية حقة يكتب لها الدوام . ذلكم هو بالذات الشرط الذي يتأتى به للشعب الفلسطيني مواجهة كافة التحديات التي تعترض سبيله لمقارعة العدو و لفرض سلام عادل ومشرف يتيح له حشد طاقاته في خدمة رقي قاطبة الشعب الفلسطيني وتنميته. إن مأساة غزة ما تزال ترمي بثقلها على الأطراف الفاعلة في القضية الفلسطينية. ليس هناك من شك في أن توفير شروط تسوية هذا النزاع و معالجة تبعاته على أهالي غزة يقتضي تجندنا التام وتجند المجتمع الدولي واهتمامه اهتماما موصولا بموضوع تسوية القضية الفلسطينية تسوية عادلة ونهائية. وقد تشهد سنة 2009 إن شاء الله تقدما نوعيا في التكفل بالنزاع الإسرائيلي العربي. إن المجموعة العربية تنفطر ألما من انقسام صفوفها. وقد استفاد أعداؤنا وخصومنا من هذا الضعف. و إنه لمن واجبنا السياسي والأخلاقي أن نضطلع بمسؤولياتنا حتى نضع حدا في أقرب الآجال لهذه الوضعية التي لا ينبغي أن تلهي إخواننا الفلسطينيين عن مهمتهم التاريخية ألا وهي تحرير فلسطين. أشكركم على كرم الإصغاء. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.