دافع عبد العزيز بوتفليقة لدى إعلان ترشحه للاستحقاق الرئاسي عن انجازات العهدتين المنقضيتين رغم صعوبة الظرف الذي تولى فيه شؤون البلاد سنة 1999، معتبرا أن تحقيق السلم والمصالحة الوطنية بين الجزائريين وفك العزلة الدولية عن الجزائر أهم ما تحقق في السنوات العشر الماضية إلى جانب معركة إعادة البناء والتعمير. عرج عبد العزيز بوتفليقة في خطاب مطول ألقاه بمناسبة إعلان ترشحه لرئاسيات 9 أفريل المقبل على مختلف الانجازات والمكتسبات المحققة في العهدتين المنقضيتين وفي مقدمتها ما تحقق على الجبهة الأمنية، مبرزا ما قام به من مساع من أجل إشاعة السلم وإقراره والنهوض بأسباب المصالحة الوطنية، ومن وجهة نظر بوتفليقة فإن استعادة الجزائر لأمنها واستقرارها ما كان ليتحقق لولا الإجراءات المتخذة في إطار سياسة الوئام المدني والمصالحة الوطنية والتي فتحت الجزائر بموجبها الباب على مصراعيه أمام الذين جنحوا ليعودوا إلى جادة الصواب وإلى أحضان الشعب متمتعين بجميع حقوق المواطنة، مشددا في المقابل على أن فتح باب العفو كان يقابله شجاعة وعزيمة قوات الأمن وعلى رأسها الجيش الوطني الشعبي للتصدي للهمجية الفتاكة التي مازال بعض المارقين المتمادين في العنف والإجرام يلجؤون إليها، مثلما يؤكد المتحدث. وأشاد بوتفليقة في خطابه بشجاعة الجزائريين في رفع تحدي المصالحة وإعلانهم بمطلق السيادة وبأغلبية ساحقة في استحقاقين انتخابيين عن رغبتهم في الوئام والمصالحة الوطنية ، وهي إرادة في المصالحة قال بوتفليقة إنها انتصرت على جميع الشكوك التي كانت تزرعها بعض الأوساط، وهو ما سمح في رأي بوتفليقة بالتأليف بين قلوب الجزائريين وجمع شمل الأسر المنكوبة من جراء المأساة الوطنية. ومن وجهة نظر بوتفليقة فإن معالجة الأزمة الأمنية وإعادة الأمن والاستقرار للبلاد كان ممرا ضروريا قبل الانتقال إلى معركة إعادة الإعمار والبناء وطي صفحة المأساة الوطنية ومعالجة مخلفات الأزمة. وفي سياق ذي صلة بالانجازات المحققة خلال العهدتين المنقضيتين، أكد بوتفليقة أن ثاني انشغال بعد الملف الأمني الذي كانت له الأولوية في أجندته بعد تولي شؤون البلاد سنة 1999 هو وضع حد لعزلة الجزائر في الساحة الدولية باعتبار أن البلاد كانت محل حصار غير معلن طيلة سنوات الأزمة، مشيرا إلى العودة القوية للجزائر حاليا إلى المحافل الدولية لكي تضطلع بدورها كطرف نشط فاعل يعتد برأيه ويسمع له، مؤكدا على الاعتراف الدولي بدور الجزائر البارز على الساحة الإفريقية، وذلك عبر الاتحاد الإفريقي وفي إطار الشراكة من أجل تنمية إفريقيا "النيباد"، وبخصوص العلاقات مع أوروبا ذّكر بوتفليقة باتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، ثم توسع العلاقات مع هذه القارة وتتحول إلى الاتحاد من أجل المتوسط الذي التحقت به الجزائر، مؤكدا أن الانضواء تحت راية هذا الفضاء لا يعني التنكر لمبادئ الجزائر والتزاماتها وعلى الخصوص منها إحقاق حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، كما أشار إلى مساعي الجزائر للانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة وفق شروط لا تضر بالمصلحة الوطنية. ومن وجهة نظر بوتفليقة فإن الأولوية التي منحت للملف الأمني وفك العزلة الدولية عن الجزائر لم تكن على حساب عملية إعادة الإعمار، مؤكدا بلغة الأرقام استثمار 250 مليار دولار، 160 مليار دولار منها استثمارات في القطاعات العمومية حرصا من الدولة على تلبية احتياجات المواطنين الاجتماعية والاقتصادية، إلى جانب تخفيض مؤشر البطالة إلى 12 بالمائة بعدما كان يقارب 30 بالمائة سنة 1999 بتوظيف 3ملايين ونصف المليون من المستخدمين في الإدارات والقطاعات الاقتصادية، و5.2 مليون من المناصب المماثلة تم استحداثها من خلال آليات محاربة البطالة. كما عرج بوتفليقة في الحصيلة التي استعرضها أمام الحضور على منجزات العشرية المنقضية في مجالات السكن والطرق والسكك الحديدية والهياكل المدرسية والجامعية والهياكل الصحية وكذلك فيما يخص توسيع شبكات توزيع الغاز والكهرباء ، وقال إن نسبة النمو الاقتصادي خارج المحروقات بلغت حوالي 5 في المائة وفاقت 6 في المائة في السنتين الماضيتين، إلى جانب استحداث 120 ألف مؤسسة صغيرة ومتوسطة جديدة خلال السنوات الخمس الأخيرة، كما توقف عند التسديد المسبق للدين الخارجي وتخليص البلاد من التبعية المالية للخارج بعد تراجع المديونية من 29 مليار دولار سنة 1999 إلى ما دون 5 ملايير حاليا، والحرص على تطهير المالية العمومية في الوقت نفسه مع ارتفاع احتياطي الصرف إلى أكثر من 140 مليار دولار وهو ما يسمح للجزائر بمواجهة الأزمة المالية الدولية.