احتفلت الجزائر باليوم العالمي للمعوقين وسط التفاتة تحسيسية من قبل الإعلام لهذه الفئة ولو مرّة في العام.. المهم أن يلتفت المجتمع لهذه الفئة التي صارت تسمى فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، وأن تبذل الدولة وسعها لحمايتهم وتسهيل انخراطهم في المجتمع. والأهم أيضا أن يواصل هؤلاء نضالهم المستميت من أجل نيل حقوقهم الاجتماعية وتحسين ظروفهم المعيشية، والبداية برفع قيمة منحة الإعاقة بدل المنحة الحالية التي تسيء للدولة ونظامها الاجتماعي ومنظومة الحماية الصحية والاجتماعية ككل. تمرّ المناسبة ككل عام ويبقى الانتباه إلى مشكلات هؤلاء وإدماجهم في الحياة وإعانتهم بالتكوين المكيّف للانضمام إلى سوق العمل والكسب الحلال، غير أننا وككل مرّة نحصر الإعاقة في شكلها الكلاسيكي وفي نطاق يعرفه الجميع، بينما لا ننتبه أفرادا ومجتمعا ودولة لشكل مدمرّ لمقدرات البلد وهادر لإمكانات إقلاعها الاقتصادي وأعني الإعاقة في التسيير.. أجل، لنعترف بأن البلد يعاني مرضا مزمنا من مسؤولين معاقين من حيث علم التسيير والإدارة وتصريف شؤون الناس في كافة القطاعات.. لنعترف بأن الظاهرة طالت واشتدّ تأثيرها الناسف للإمكانات المادية الموضوعة ضمن برامج التنمية للخروج من التخلف، وأن هناك أزمة جادة في الكفاءة، لأن المسؤولية تسند للأقرب لا الأكفأ، وأن معايير ذاتية تتدخل في اختيار الرجال تتعلّق في الغالب بالجهة والنسب والولاء أكثر من المعايير الموضوعية الشفّافة التي تقدّم الجدارة المهنية والعلمية والإدارية على باقي المعايير.. لنعترف بأن مجتمعا لا ينتصر للشفافية في التسيير وصرف شؤون العامة في مختلف القطاعات لا بد أن تغيّب فيه ظروف تولي المسؤوليات والمناصب وطريقة الحصول عليها، إذ يظل الرأي العام يجهل تلك الظروف ولا يعلم بكيفيات الترشّح داخل القطاعات وخارجها أيضا.. لم نعد تلك التقاليد التي كانت في السبعينيات والثمانينيات تضبط العمل والترقّي وتنظم مسابقات الترشّح وما إلى ذلك، وصرنا نشهد نموا مضطردا لبيروقراطية فاسدة تعطّل إمكانات نهوض البلد ونجاح مؤسساته المختلفة بممارسات كريهة تتحايل على القانون ذاته وتؤخّر على الراغبين مثلا في الترشّح تاريخ إعداد الملفات والتقدّم للمسابقات، ثم تواصل تلاعبها بالاستخفاف بجدوى الامتحانات والتلاعب بها لصالح أسماء لا علاقة لها بالجدارة ولا الفوز و "التخلاط" في القوائم وما إلى ذلك.. رائحة الفساد زكمت أنوفنا في هذا الموضوع ولا نزال نتحدّث عن الإعاقة الظاهرية للأفراد وننسى الإعاقة الباطنية للبلد ككل والتي تؤخّره عن النهوض بسبب هؤلاء المسيرين المعاقين أصلا..! أما بعد: "ذو العقل يشقى في النعيم بعقله وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم".