كان ممن ابتلاه ربّي ب "الطاسه" بتعبير دحمان الحرّاشي، وزيّن له حبّ الشهوات من النساء ولا يستطيع على ذلك صبرا.. وبالرغم من ذلك لا يجهر بالمعاصي ولا يكابر..غير أنه هذه المرّة جاءني محتارا وأقسم بالأيمان المغلّظة أنه سيشرب حتى الثمالة لأن هذا البلد دوّخه وطيّر له آخر عقل في عقله..! سرد عليّ الحكاية بعدما أجلسته وطلبتُ له قهوة سوداء كأيامنا هذه، وأشعل سيجارة "مارلبورو" ونفثها في وجه الدنيا وهو يقول بصوت جهوري: أمس منت أحد ضحايا هذا الشهر المهبول..ركبتُ سيارتي ورُحتُ أبحثُ عن فتاة ترفعني إلى السماء السابعة..مررتُ بشارع بن مهيدي ولمحتها تتغنّج في حجاب أسود "فرفوري" التصق بتفاصيل جسدها المكتنز وفضح سرّه الكبير..نظرت إليّ أو إلى سيارتي..لا أعرف..غير أني غمزتُ لها فابتسمت.. لم يمض إلاّ وقت قصير حتى كانت داخل سيارتي وتزكم أنفي رائحة عطرها الأخّاذ.. قاطعتهُ بلؤم كبير وقلت له: احتج عليّ حتى التفت من بالمقهى إليه وصرخ: كيفاش..ابتعدنا عن زحام العاصمة ومددت يدي إلى فخذها أتحسّس طراوة جسدها غير أنها نزعت يدي وقالت بحزم: لا يجوز..! دارت الكُرة الأرضية هذه المرة وفق عقارب الساعة وسألتها: كيفاش يا دين ربي..تركبي معايا يجوز..ونمسّك لا يجوز..؟ ابتسمت بكل مفاتنها وهي تقول لي: لا يجوز باليد اليُمنى..! حبس راسي في هذا الوقت أمام جيل يفهم الدين انتاع الإسلام بطريقة عجيبة..أنا عاصي ولكن الدين عندي واحد ماهوش عشرة.. أما بعد: نظرتُ إلى صاحبي وأشهد أني مثله أحتار الآن في "أمة يجوز ولا يجوز" حيث صار من هبّ ودبّ يفتي لنفسه وانتقلنا من كل واحد عندو دولة في راسو إلى كل واحد عندو دين في راسو..!