أكد الوزير الأول أحمد أويحيى أن "اقتصاد السوق هو خيار لن تتراجع عنه الحكومة مطلقا" لكنها في المقابل ستعمل، يضيف، على أن يكون سليما ونزيها ومفيدا للبلاد سواء تعلق الأمر بالعمال أو المستهلكين أو مالية الدولة، وكشف المتحدث عن إجراءات جديدة سيتم اعتمادها الأسابيع المقبلة في مجال دعم الاستثمار كرفع سقف ضمانات القروض الاستثمارية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة مع اعتماد أدوات جديدة لتمويل رأس مال الاستثمار إضافة إلى تأهيل المؤسسات العمومية القادرة على الاستمرار. الوزير الأول الذي كان يتحدث أمام نواب المجلس الشعبي الوطني خلال عرضه لمشروع مخطط عمل الحكومة، أكد بأن الحكومة ستعمل على إعادة تأهيل المؤسسات العمومية القادرة على الاستمرار والمتوفرة على حصص في الأسواق كما ستسهر على إبرام عقود شراكة مع متعاملين أجانب قادرين على جلب مهارات لهذه المؤسسات بغرض رفع إنتاجها، وهو مسعى، يضيف، سيُرافق عملية إعادة انتشار هذه المؤسسات في إطار تكامل أحسن لأنشطة اقتصادية أكثر اندماجا موضحا أن ذلك سيتم بمساهمة الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين. وأورد بأنه سيُعاد تنظيم الآليات العمومية المرافقة لتأهيل المؤسسات من أجل حد لتشتت المساهمات العمومية كما سيتم تعبئتها بشكل أنجع مع ضمان تأطير أفضل لبرامج التأهيل والمساهمة في تحسين التسيير وستواصل الحكومة، حسب أويحيى، تحسين الشروط الضرورية للاستثمار مع ترقية آليات وقدرات التمويل وذلك من خلال استكمال تحديث النظام المصرفي وتفعيل السوق المالية، بحيث يرتقب اعتماد أدوات جديدة لتمويل رأسمال الاستثمار تكملة للصندوق الوطني للاستثمارات الذي يمكنه أن يتدخل بمبلغ 1000 مليار دينار على مدى خمس سنوات كما سيتم رفع سقف ضمانات القروض الاستثمارية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة مما سيساهم في استحداث 200 ألف مؤسسة صغيرة ومتوسطة. هذا وتضمن مخطط عمل الحكومة ضرورة مواصلة تحديث الإدارة الاقتصادية وتعزيز آليات المراقبة والضبط في ظل الإصلاحات العميقة التي تم اتخاذها سواء تعلق الأمر بأدواتها المالية أو بوسائل مراقبتها وضبطها، وسيتم في هذا السياق، مواصلة تحديث المنظومة المالية من خلال استكمال إصلاح المنظومة المصرفية انطلاقا من تكوين وتجديد معارف المستخدمين بواسطة برامج التعاون الدولي وتحسين الوساطة المصرفية وتعزيز نظام الدفع الالكتروني الذي تم الانطلاق فيه وتعميمه وتكثيف شبكة الوكالات وتعميم استعمال الصك البنكي فضلا عن ترقية سياسة أكثر فعالية للقرض لفائدة الاستثمار. وفي مجال تفعيل السوق المالية سواء في جانبها المتعلق بالقرض السندي أو فيما يخص الأسهم، سيتم ضبط التشريع إلى جانب تحسيس المتعاملين الاقتصاديين أكثر فأكثر من أجل تحفيزهم على اقتحام هذا الميدان علاوة على ذلك سيتم إدخال عروض جديدة للمنتوجات في نفس الوقت الذي سيتم فيه تحسين أخلاقيات السوق وتسيير متعامليه. وتؤكد الحكومة أن تحديث المنظومة المالية هو محل متابعة بكل عناية بهدف اتقاء أي انحراف في هذا المجال، ومن هنا تتجلى ضرورة تأجيل فتح رأسمال البنوك العمومية في انتظار التطهير النهائي للساحة المالية في العالم، وركز المخطط على تحديث الإدارة الجبائية حيث ستتم مواصلة هذه العملية سواء بالنسبة لأساسها القانوني والتنظيمي أو بالنسبة لآلياتها ومستخدميها ووسائلها قصد تحسين نوعية الخدمات بشكل معتبر. وفي مجال العقار الصناعي، تؤكد الحكومة أن التشريع بات واضحا في مصلحة المجموعة الوطنية والمستثمرين أما النصوص التنظيمية فيجري حاليا إصدارها، موضحة أن استكمال عمليات مراجعة التشريع المتعلقة بمسح الأراضي والسجل العقاري وإتمام تغطية مسح الأراضي وتوريق الملكية العقارية خلال الخماسي القادم من شأنهما أن يسهلا أكثر فأكثر عقد الصفقات المتعلقة بالعقار بصفة عامة. ويؤكد مخطط عمل الحكومة على توفير الشروط الضرورية لترقية النشاط الاقتصادي خاصة في مجالات الطاقة والمناجم والفلاحة والصيد البحري وتسهيل عمل المؤسسات المنتجة، ففي مجال الطاقة تتوقع الحكومة رفع قدرات البحث والاستكشاف من خلال مضاعفة جهود الشركة الوطنية وتجنيد الشركاء الضروريين لهذا الغرض، كما سيتم تثمين عائدات هذا القطاع برفع الاستثمارات المحلية في النشاطات الصناعية القبلية ومواصلة البرنامج الوطني للتحكم في الطاقة الذي شرع فيه سنة 2006. ويتوقع المخطط مرافقة التنمية الاقتصادية بترقية الحوار والتشاور مع الشركاء الوطنيين في الميدان الاقتصادي و الاجتماعي عبر إطار الثلاثية وذلك من أجل متابعة وتحيين العقد الوطني الاقتصادي و الاجتماعي الذي أبرم سابقا.