التقيا تحت سقف واحد هو زنزانة الحبس..ولأن "الحبس" للرجال كما يردّد الجزائريون، لم يساورهما أدنى شكّ بأنهما ضحية "الحقرة" على الطريقة الجزائرية أيضا وكان ذلك ضمن حملة "الأيدي النظيفة" التي خرج بها الوزير الأول آنذاك في بداية التسعينيات (واليوم أيضا في 2009)..! قضيا سنوات جائرة بين الجدران الرطبة لسجن الحراش، وخرجا دون حكم أو تهمة موثّقة.. الأول بكى على سنوات عمره التي كان يصنّف فيها الآمر الناهي في مؤسسة عمومية بصفة الرئيس المدير العام، وكان الناس يتقرّبون إليه زلفى لحاجات كثيرة ومصالح متنوعة.. لكن ما من أحد أسعفه وهو في السجن..لا أحد منهم ذكره..وما وجد من سند أو مدد إلاّ من زوجته وأم أولاده، التي كانت تؤمن ببراءته إلى النهاية، وظلت تصبر على ما المصيبة من الصدمة الأولى..بل إنها عادت إلى وظيفة التعليم لتعيل أولادها وتربّيهم في غياب والدهم. لقد أعاد اكتشاف زوجته في هذه المحنة ووقف على جوهرها الصافي الشفيف ووجد له مستقرّا وسكنا.. أما الثاني فبكى على سمعة بيته التي كان حريصا عليها باستمرار.. كان يقول لحليمة، وكان هذا اسمها الحقيقي، "السمعة رأسمال".. بكى كالأطفال لأنّه لم يجد أبناءه ولا زوجته..بل لم يعثر لهم على أثر.. لقد ابتاعت حليمة الدار التي كتبها لها باسمها في عيد زواجهما..و الآن فرّت إلى مكان مجهول.. أما بعد: قد يكون وجود المرأة في حياتك وجودا مكمّلا أو مجمّلا أو..مدمّرا..