لم تستبعد مصادر مطلعة بوزارة التربية الوطنية امكانية العودة إلى نظام ست سنوات في التعليم الابتدائي بدل خمس سنوات كما هو معمول به حاليا ضمن الاصلاحات التي شهدها هذا القطاع، وأرجعت ذات المصادر أسباب ذلك إلى الضعف المُسجل بين مستوى تلاميذ السنة الخامسة ومستوى السنة السادسة الذين التحقوا بالطور المتوسط العام الدراسي الماضي ناهيك عن مشكل الاكتظاظ المسجل سواء في الأقسام أو في البرامج. حسب المصادر التي تحدثت إلينا، فإن قضية العودة إلى نظام ست سنوات في الطور الابتدائي من التعليم مطروحة بشكل جاد في الوقت الحالي على مستوى وزارة التربية الوطنية بالرغم من كون بعض الأطراف ترفض الذهاب إلى هذا الخيار كونه يعتبر تراجعا على نقطة هامة من الاصلاحات التي شهدها هذا القطاع، ويبدو أن الأمر لا يقتصر على هذه النقطة بل يتعدى إلى نقاط أخرى كالتخفيف من مقررات الطور الابتدائي كمرحلة أولى ومراجعة الوحدة الثامنة في العلوم الفزيائية التي موضوعها الترددات والنظر في امكانية حذفها نهائيا مع العلم أن هذه الوحدة تتضمن حوالي خمسة دروس. وكان وزير التربية الوطنية أبو بكر بن بوزيد، أكد بنفسه على الذهاب إلى النظر في النقطتين الأخيرتين خلال اللقاء الذي جمعه بتاريخ 20 ماي الماضي مع مدراء التربية والذي تناول ملف المقررات الدراسية. وأوردت مصادرنا أن تقارير أساتذة ومدراء التعليم المتوسط تتحدث عن تراجع ملحوظ في المستوى التعليمي للتلاميذ الناجحين في السنة الخامسة للعام الدراسي الماضي مقارنة بالتلاميذ الذين أكملوا ست سنوات، ناهيك عن الاكتظاظ الكبير الذي شهدته الأقسام والذي وصل إلى أكثر من 40 تلميذ في القسم الواحد على مستوى عدد من الولايات، وهو ما جعل أولياء التلاميذ والأساتذة ينتقدون بشدة الاصلاحات في هذا المجال، وبالرغم من تحسن نسبة النجاح إلا أن ذلك لا يعني، تضيف ذات المصادر، تحسن المستوى باعتبار أن الوزراة تهدف من سنة إلى أخرى إلى انجاح أكبر عدد من تلاميذ الطور الابتدائي، علما أن هدف الوصاية هو الوصول إلى إنجاح ما يعادل 98 بالمئة من مجموع تلاميذ هذا الطور تطبيقا للخيار الذي اتخذته الحكومة في هذا المجال والمتمثل في ضمان التعليم الالزامي حتى سن 16 سنة. وليس هي المرة الأولى التي تتراجع فيها وزارة التربية الوطنية على الاصلاحات المتخذة في هذا اللقطاع والتي كانت تمت وفق لجنة وطنية نصبها رئيس الجمهورية في السنوات الأولى من اعتلائه قصر المرادية وترأسها آنذاك علي بن زاغو، بل كانت تراجعت على النقطة المتعلقة بتدريس اللغة الفرنسية في التعليم الابتدائي، فبعد الإصرار على البدء في تدريس هذه اللغة انطلاقا من السنة الثانية أثبتت العملية فشلها في العام الأول من التطبيق الميداني ، ما جعل الوزارة تدفعها إلى السنة الثالثة. والإشكال الذي يبقى مطروحا اليوم هو أن عملية الاكتظاظ الذي تسبب فيه النظام الجديد في الطور الابتدائي ستتواصل سلبياته في السنوات المقبلة سواء في الطور الثانوي أو الطور الجامعي، بالنظر إلى العدد الهائل لدفعة الانتقال من نظام إلى نظام أو إلى العدد المرتفع للتلاميذ والطلبة من سنة لأخرى، علما أن عدد المترشحين لشهادة التعليم المتوسط فاق هذا العام 558 ألف مترشحا وعدد مترشحي شهادة البكالوريا فاق ال455 ألف مترشحا, وقد أصبح بن بوزيد نفسه يستعمل كلمة "تسونامي" حينما يتحدث عن الأعداد الكبيرة التي تستقبلها الثانويات والجامعات السنوات المقبلة سيما الدفعة التي عرفت انتقال عدد تلاميذ سنتين في عام واحد فقط.