للإنسان صور عاكسة..شمسية،رقمية ونسخية..تعبّر عنه وتثبت وجوده الإداري والمدني وهلمجرا.. وحتى وإن كانت هناك مذاهب حرّمت الصورة ولم تجد حلاّ لإثبات الهويّة في الألفية الثالثة.. وعلى هذه الصفة هناك المعمار..صنعة الإنسان..روحه وهويته.. صار المعمار الآن معيار الإتقان ومقياس الجمال، وبقدر وظيفيته وتجانسه ضمن الفضاء الحضري بقدر ما يعبّر عن هوية الأمة وثقافتها وإبداع أهلها من المهندسين والمسيرين والمقاولين... بهذا الشكل يتحوّل المعمار إلى معلم..إلى جزء من عظمة التاريخ وروعة الإنجاز لا يمكن تجزئته.. ويتحول مع مرور الوقت إلى مزار للمعجبين والسياح ليشهدوا على الإتقان ويعترفوا بالقدرة الفائقة على الصنعة والإبداع.. في كل بلاد الدنيا المعمار فن ووظيفة وجمال، لم يفقد صفته هذه منذ قرون..خلف عن سلف وجيل بعد آخر..لكنه في الجزائر ليس كذلك.. القصبة أثر عن الأتراك، ومدينة الجزائر أثر عن فرنسا الكولونيالية، فماذا تركنا بعد الاستقلال؟ لنعترف بأنه باستثناء بعض المقرات الرسمية الجميلة وبعض الهياكل الجديدة المنجزة مؤخرا في إطار توسعة العاصمة..بخلاف ذلك معمارنا بائس.. ! ليس لدينا ما نفاخر به في هذا المجال، لا حسن الإنجاز ولا روعة التصميم.. لا شيء غير خراب التشكيل مع ظهور أحياء قاحلة ومبان شاحبة في مختلف البلديات والمدن.. هل نفاخر بشقق وسكنات واسعة ومفتوحة على نمط هندسي له لون وصفة؟ هل شيّد المواطنون سكنات مصنّفة، فيلات أو سكنات فردية أو عمارات فردية؟ اختلط الأمر على الناس، وغابت الهندسة تحت أي نمط..متوسطي أو عربي إسلامي أو حتى أوروبي قوطي؟ لا شيء غير المعمار الذي يحمل أي اسم إلاّ أن يكون معمارا.. لا شيء غير "شبه الشكل" و"شبه النمط" وشبه التصميم.. لا شيء غير عار المعمار في هذا البلد..أحياء الحميز وعين النعجة وباش جراح وباب الزوار وأبواب أخرى.. من المؤسف أننا لم ننجز ولو مدينة واحدة بمواصفات المدينة.. لا القرية قرية..ولا المدينة مدينة..مسخ..مسخ..مسخ.. ! لنعترف أننا متخلفون جدا اليوم على مستوى التعمير وإدارة المقاولات وتسيير الحواضر والمدن..ثغرات قانونية..ضعف في التأهيل..فوضى في التصميم..تخلف في المواطنة.. وإن أقصى ما يمكن فعله الآن محاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه خاصة تهيئة الوسط الحضري بإدخال ثقافة الحضر..الخشب..العشب..الرصيف..الأضواء..الطريق وحق الطريق..إلخ المعمار صورتنا فلا ندعي بأننا أهل حاضرة..فما نفعله في المدينة يسيء لسمعتنا ولانتمائنا..