كشف الدكتور أحمد حوتي، أستاذ في علم الاجتماع بجامعة الجزائر، عن دراسة قام بها مؤخرا حول ظاهرة العنف المدرسي، شملت 21 ثانوية بالعاصمة و1026 تلميذ و365 أستاذ و48 مستشارا تربويا ، حيث أكدت الدراسة أن 80 بالمائة من الثانويين يمارسون العنف ضد الأساتذة بمختلف أشكاله كعصيان الأوامر والشتم والضرب. حيث اعتدى أحد التلاميذ على أستاذه بقضيب حديدي وضربه ضربا مبرحا كاد أن يقتله لولا تدخل المعلمين لإيقافه، كما أقدم أحد الثانويين على رش معلمة الإنجليزية بروح الملح بسبب رفضها ارتداء الحجاب، وتبيّن بعد الحادث أن المعتدي كان ناشطا في إحدى الجماعات المسلحة. وأشارت الدراسة إلى أن 36 بالمائة من التلاميذ وجهت لأوليائهم استدعاءات خاصة بسوء السلوك تعرض 19 بالمائة منهم للطرد و13 بالمائة للتوبيخ. وعن أهم الأسباب المؤدية للعنف داخل المؤسسات التربوية، أكد ذات المتحدث أن العنف ينتقل من الأسرة إلى المجتمع ومن المجتمع إلى المدرسة، حيث أثبتت الدراسة أن 49.5 بالمائة من التلاميذ انتقل إليهم العنف من المجتمع عن طريق صور الإجرام والسرقة والقتل التي باتت مشاهد يومية ألفها المراهقون، كما انتقل العنف من الأسرة إلى 36 بالمائة من المتمدرسين بسبب التفكك الأسري، غياب الرقابة والافتقار إلى الرعاية والأمان العائلي، و13.5 بالمائة من المبحوثين انتقل إليهم العنف عن طريق المؤسسات التربوية، حيث تعرض أكثر من 52 بالمائة من التلاميذ للسرقة رغم أن هناك 82.5 منهم يشعرون بالأمان داخل الثانوية و12 بالمائة منهم يجعلون من العنف المدرسي هاجسا يوميا يؤثر على تحصيلهم الدراسي، وبينت ذات الدراسة أن 72 بالمائة من التلاميذ يشاهدون أفلام العنف دون رقابة أحد لاسيما الأولياء. كما وضّح الدكتور أحمد حوتي أن العنف يتولد في كثير من الأحيان من الأساتذة الذين يجهلون التعامل التربوي السليم مع تلاميذهم والواقعين تحت تأثير الضغوط المهنية والاجتماعية، حيث كشفت الدراسة أن 53 بالمائة من الأساتذة مارسوا العنف ضد تلاميذهم و51 بالمائة من التلاميذ تعرّضوا للسب والشتم من طرف الأساتذة و27 بالمائة منهم طُردوا من القسم. ومن جهتها، سجلت مصالح الدرك الوطني على مستوى خلية حماية الأحداث 191 حالة حمل أسلحة بيضاء وقنابل مسيلة للدموع داخل ثانويات العاصمة، حيث عرفت حوادث انحراف الأحداث تناميا خطيرا إذ أحصت ذات الخلية خلال الخمس سنوات الأخيرة 3521 حادثة واحتلت الأفعال المخلة بالحياء المرتبة الأولى ب 1129 حالة أي بنسبة 32.6 بالمائة، ثم العنف الجسدي ب 751 حالة قدرت بنسبة 21.32 بالمائة، كما سجلت حوادث تحطيم أملاك عمومية داخل المدارس 561 حالة قدرت بنسبة 15.93 بالمائة وقدرت حالات الضرب والجرح العمدي 79 حادثة بنسبة 2.24 بالمائة. أما فيما يخص مظاهر استهلاك المخدرات داخل المؤسسات التربوية فالوضع ينبئ بالخطر، حيث سجلت خلية الأحداث حوالي 631 حالة بنسبة وصلت 17.92 بالمائة ثم السرقة، حيث تم إحصاء 82 حالة مثّلت 2.32 بالمائة، هذا ما أدى بها إلى دق ناقوس الخطر والبحث عن أسباب استفحال هذه الظواهر الخطيرة التي تمس فئة حساسة من المجتمع، لذلك تعمل باستمرار لسد هذه الثغرات من خلال عمليات التحسيس والتوعية داخل المؤسسات التربوية وتعريف الشباب بالمخاطر المحيطة بهم لا سيما المتعلقة بمظاهر الانحراف والآفات الاجتماعية التي قد يقعون فيها عن غير قصد. كما أكد العديد من المختصين أن ظاهرة العنف المدرسي أخذت أبعادا خطيرة، حيث انتقلت من الشتم والطرد إلى الاغتصاب والقتل وتناول المخدرات، لذلك يجب على جميع الجهات المسؤولة أخذها بعين الاعتبار وجعلها من الأولويات، لتدارك الكوارث التي يمكن أن تقع مستقبلا في مؤسسات يفترض أن تكون منبعا للأمن ومدرسة للأخلاق. بلقاسم حوام