تشهد مختلف مناطق جيجل هذه الأيام أجواء الإحتفال بالمولد النبوي الشريف. وبهذه المناسبة فإن الأسرة الجيجلية لا تزال تحافظ على بعض العادات الموروثة إبتهاجا بازدياد المصطفى عليه الصلاة والسلام.. منها على وجه الخصوص إعداد أطباق "الفتات" بلحم الدجاج لدى أغلب عائلات مناطق الطاهير، الشقفة، برج الطهير، وغيرها، إضافة إلى طبق أغروف أوالبغرير والذين يسبق الموعد بأيام. وهو نفس الشأن بالنسبة للطمينة، إلا أن الكثير منها بدأ في طريق الإندثار والزوال، سيما أيضا الطياخات التقليدية والسهرات الليلية، وإشعال الشموع خارج المنازل بصفة جماعية. وحسب السيد حمدوش أمير أستاذ مادة الفرنسية بثانوية الشقفة، فقد أشار أن هناك العديد من العادات زالت سيما ما تعلق بالطياخات اليدوية أوالتقليدية.. حيث استرسل بالقول إننا عندما كنا صغارا كنا نحن دائما إلى اقتراب تاريخ المولد النبوي الشريف، حيث تكون الإستعدادات من كل الجوانب سيما صناعة "الطياخة" حيث نقوم بالبحث عن بطارية قديمة ونقوم بتذويب الرصاص الموجد بها أوما يسمى بالبولدن ثم نفرغه في جوق قصبة أو في حفرة داخل الأرض يكون لها الشكل الأسطواني المجوف، بعده نقوم بخلق الثغرة بواسطة مساومة الحجم الكبير، وتتم عملية ربط المسمار بالمادة الرصاصية لنحصل على ما يسمى عند الجواجلة "بالطياخة"، لنبدأ بعدها في عملية التطياخ بواسطة مادة الكبريت ويكون التنافس على أشده ليلة الذكرى بين شباب مختلف المناطق. من جهة أخرى أشار السيد عمار بوحنيكة من الطاهير أن المفرقعات التجارية القادمة إلينا من آسيا قضت على الطياخة التقليدية التي كانت تلهم الأطفال وحتى الشيوخ، وأصبح التنافس اليوم بهذه المفرقعات من مختلف الأحجام سيما من نوع الصواريخ والتي تعني بها أصحاب الفيلات والمساكن الفخمة في المولد للتباهي على من يستطيع إيصال أكبر عدد من المفرقعات إلى مسكن جاره، وهذا رغم الأحداث المأساوية التي تصيب المئات من الأطفال والشباب سنويا. أما الأستاذة شهرة عمامرة فقد أشارت أن منطقتها أولاد فاضل بالطاهير تحتفل بالذكرى كباقي مناطق وبلديات الولاية، حيث تبتهج الفتيات بترسيم أشكال مختلف للجنة، على أن يتم تنظيم سهرات بين العائلات والأسر تتخللها شعائر دينية وعرض قصص حول سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، كما تقوم النساءأيضا بعد أذان المغرب بإشعال الجاوي والعنبر وكذا شمعة بكل غرفة بالمنزل، ويكون هذا متبوعا بمدائح دينية مشهورة ترددها النسوة سيما الجدات. من جهتها تضيف أن ابن شقيقها كان يستعين عندما كان صغيرا في الاحتفال بهذه الذكرى العظيمة بآلة الحلاقة التي كان يستعملها الوالد في الحلاقة، حيث يقوم بسرقتها وربطها بواسطة مسمار واستغلالها كطياخة تقليدية إلا أنها طالما تتكسر نظرا لمادتها السهلة الذوبان، كما كان الشباب يجتمعون في شكل فرق دائرية بواسطة الشموع يشكلون منظرا رائع الجمال طالما يلهم عشاق الكلمة والحرف الملتهب. وقد كانت للشاعر الجيجلي علي بوملطة وشقيقه القاص جمال بوملطة حكايات وروايات مع "الطياخة" وهمومها، وغيرهم من أدباء وساسة على غرار منتخب الأفانا بالمجلس الشعبي الولائي زبير غريبي الذي يحن كثيرا حسبما صرح لنا به إلى زمن ومكان "الطياخة" بأعشوشة، وهي نفس مشاعر وأحاسيس مراد بوفاكس. كما تحدث أيضا مدير دار الحضانة ربيع الطفولة بالطاهير صالح طيبوش بشوق وحنين إلى مرحلة الطفولة وبالذات الطياخة وعلبة الكبريت التي كان يسرقها لوالدته رحمها الله، لتبقى الذكريات الجميلة فقط من عادات الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بجيجل.. وما هو موجود في طريق الزوال•