لم ينجح حزب سعيد سعدي، الذي بلغ هوسه بالمعارضة حد المساس بثوابت الأمة، من خلال إنزال العلم الوطني من كل مقراته واستبداله براية سوداء، في دفع سكان المنطقة التي دفعت ولازالت تدفع ثمن أحداث ''الربيع الأسود'' إلى الانصياع وراء ما يخدم الحزب ولا شيء آخر• كما فشلت جبهة القوى الاشتراكية، رغم التجمعات الداعية للمقاطعة، في إقناع المواطن بعدم الادلاء بصوته، وذلك رغم نجاحها في تنظيم مسيرة شعبية نظمتها وسط بجاية وتيزي وزو، فلم تمنعها قوات الأمن، خلافا للأرسيدي، الذي سعى بهدف تصعيد حملة المقاطعة، إلى تنظيم مسيرات مماثلة بالعاصمة، بعد لجوئه إلى توزيع منشورات تحريضية وتنكيس العلم الوطني وإعلان يوم 9 أفريل يوم حداد وطني• وتشير نتائج الانتخابات، التي أعلن عنها أمس وزير الداخلية، أن نسبة المشاركة في ولايات منطقة القبائل تجاوزت في مجملها 29 بالمائة، حيث سجلت في ولاية بجاية أضعف نسبة، وبلغت 42,29 بالمائة، حيث بلغ عدد الأصوات المعبر عنها 261,,123 وبالمقابل، سجلت أعلى نسبة مشاركة في الانتخابات بالنسبة لمنطقة القبائل في البويرة ب 31,66 بالمائة، وتلتها تيزي وزو ب 88,30 بالمائة، أما ولاية بومرداس فسجلت بها نسبة مشاركة بلغت 22,57 بالمائة، حسب النتائج الأولية• وتعكس هذه الأرقام مدى نجاح زيارة المترشح، عبد العزيز بوتفليقة، إلى منطقة القبائل، وخطابه الذي اعترف فيه بضحايا الربيع الأسود ومنحهم صفة الشهداء، في وقت فشلت الأحزاب المعارضة أو المقاطعة، بشكل ذريع في دفع السكان بالحجة والبرهان الى ''الانقلاب''، من خلال عدم المشاركة في الانتخابات• وقد تكون الوضعية الأمنية والاجتماعية في المنطقة من أكبر ما تسبب في انفضاض الجمع من حول الأحزاب المعارضة التي لم تخدم المنطقة ولا السكان بالشكل المطلوب، كما أنها لم تؤد دورها في وقت ''الشدائد'' والأزمات، خاصة عقب اندلاع أحداث الربيع الأسود • وبالاعتماد على مقارنة بسيطة بنتائج الانتخابات الرئاسية في ,2004 فإن السلطة نجحت في رهانها برفع نسبة المشاركة في الانتخابات لسكان منطقة القبائل الى أكثر من 28 بالمائة، حيث لم تتجاوز نسبة المشاركة فيها، أي في الرئاسيات الأخيرة، 71,15 % بالمائة في بجاية و80,17 بتيزي وزو، وهي أضعف نسبة سجلت على المستوى الوطني خلال تلك الانتخابات، بحيث ظلت منطقة القبائل تصنع الاستثناء في كل الانتخابات، ما ميزها عن جميع مناطق الوطن وأعطاها صفة ''التمرد''، وقطع العلاقة مع السلطة• ولكن الاستثناء حدث بشكل معاكس أول أمس وأظهرته النتائج الأولية للاقتراع، وهو ما يطرح وبشكل قوي إمكانية نسج علاقة صلح بين المنطقة والسلطة، بعيدا عن الحسابات السياسوية للمعارضة أو تحديدا للأرسيدي والأفافاس• فقد اندثرت مظاهر الفوضى والعنف التي سجلت خلال انتخابات 2004 المتمثلة في حرق مراكز الاقتراع وعدم إجراء عمليات الاقتراع في 22 بلدية من أصل 52 في ولاية بجاية، بعد قيام عشرات الشبان المحتجين بتحطيم وحرق صناديق الاقتراع•