مرت منذ أيام قليلة الذكرى المئوية الرابعة على طرد آخر مسلم من الأندلس ( إسبانيا والبرتغال) وفي ذكرى سقوط الأندلس تتداعى إلى الذاكرة المقارنة بين الفتوح الإسلامية وما حملت من خير للبلاد التي استقبلتها، وبين غزو جيوش النصارى وحملات الصليب والجحيم الذي طال البلدان التي اكتوت به• ولنعقد مقارنة بين دخول الجيش الإسلامي للأندلس ودخول جيوش النصارى العراق• ولن نتكلم من عند أنفسنا بل ستقتصر استشهاداتنا على ما خطّه المنصفون من النصارى أنفسهم•• دخل المسلمون الأندلس راحمين للعباد لا منتقمين، مُعمّرين لا مدمرين، وبانين لا هادمين، وداعمين للعلم لا متتبعين وقاتلين للعلماء:يقول المفكر الإسباني بلاسكوا أبانيز في كتابه ''ظلال الكنيسة'' متحدثاً عن الفتح الإسلامي للأندلس:''لقد أحسنت إسبانيا استقبال أولئك الرجال الذين قدموا إليها من القارة الإفريقية، وأسلمتهم القرى أزمتها بغير مقاومة ولا عداء، فما هو إلا أن تقترب كوكبة من فرسان العرب من إحدى القرى؛ حتى تفتح لها الأبواب وتتلقاها بالترحاب •• كانت غزوة تمدين، ولم تكن غزوة فتح وقهر• ولم يتخل أبناء تلك الحضارة زمناً عن فضيلة حرية الضمير، وهي الدعامة التي تقوم عليها كل عظمة حقة للشعوب، فقبلوا في المدن التي ملكوها كنائس النصارى وبِيَع اليهود، ولم يخشَ المسجد معابد الأديان التي سبقته، فعرف لها حقها، واستقر إلى جانبها، غير حاسد لها، ولا راغب في السيادة عليها''• ويقول غوستاف لوبون في كتابه ''حضارة العرب'':''فالحق أن الأمم لم تعرف فاتحين راحمين متسامحين مثل العرب ولا ديناً سمحاً مثل دينهم''••ويقول أيضا:''الإسلام من أكثر الأديان ملاءمة لاكتشافات العلم، ومن أعظمها تهذيباً للنفوس وحملاً على العدل والإحسان والتسامح''•• ويتحدث عن صور من معاملة المسلمين لغير المسلمين فيقول:''وكان عرب إسبانيا - خلال تسامحهم العظيم - يتصفون بالفروسية المثالية، فيرحمون الضعفاء ويرفقون بالمغلوبين، ويقفون عند شروطهم وما إلى ذلك من الخلال التي اقتبستها الأمم النصرانية بأوربا منهم أخيرا''•• ويقول المؤرخ وول ديورانت في كتابه ''قصة الحضارة'':''وعلى الرغم من خطة التسامح الديني التي كان ينتهجها المسلمون الأولون، أوبسبب هذه الخطة اعتنق الدين الجديدَ معظمُ المسيحيين وجميع الزرادشتيين والوثنيين إلا عدداً قليلاً منهم •• واستحوذ الدين الإسلامي على قلوب مئات الشعوب في البلدان الممتدة من الصين وإندونيسيا إلى مراكش والأندلس، وتملك خيالهم، وسيطر على أخلاقهم، وصاغ حياتهم، وبعث آمالاً تخفف عنهم بؤس الحياة ومتاعبها''• ولننقل الآن إلى شهادات الغربيين أنفسهم عن غزو جيوش النصارى بزعامة أمريكا وحلفائها للعراق، حيث تقول صحيفة الجارديان البريطانية الخميس الماضي:''إن حرب العراق كان أكبر عمل إجرامي للغرب، وأن القوات الأجنبية تحتجز عشرات الآلاف من المساجين الذين تحتجزهم دون محاكمة بينما لا يزال هناك 4 ملايين لاجئ عراقي لا يستطيعون العودة إلى بلدهم• وأن أمريكا أول من بدأ باستغلال الدين والطائفة في العراق حيث قسمت الإدارات والمؤسسات الحكومية العراقية بشكل طائفي وبذلت الكثير من الجهود لإثارة النعرات الطائفية بين أطياف المجتمع العراقي''• واختتمت الغارديان بقولها:''إن الولاياتالمتحدة استخدمت نظاماً استعمارياً قديماً هو التقسيم الطائفي في العراق، وأنها جلبت للعراقيين الكثير من الدمار والحزن، وجلبت لنفسها خسارة استراتيجية كبيرة على جميع الأصعدة العسكرية والاقتصادية والأخلاقية''•• هذا فضلاً عما تحدثت به تقارير دولية عن مئات الآلاف من الأرامل والأيتام، وتدمير البنية التحتية لهذا البلد، وتشوه الأجنة، ونشر الأمراض، نتيجة استخدام الأسلحة المحرمة، وتعمد قتل العلماء• فشتان بين حال العالم حين كانت السيادة للمسلمين وبين شقاء العالم حين تولى الغرب القيادة، وحق لكل منصف أن يقول كم خسر العالم بانحطاط المسلمين!