الجزائر تصب سنويا مبالغ مهولة في الاقتصاد الوطني ولكن النتيجة لا تظهر••! ويتساءل الناس عن السبب في أن الأموال التي تصب في الاقتصاد لا تحدث الآثار المطلوبة، مثلما هو الشأ ن بالنسبة للبلدان الأخرى• نعم قد تكون نقص الرشادة الاقتصادية في صرف المال في المشاريع هي التي لا تسمح بإحداث الأثر الاقتصادي المطلوب من وراء صرف هذه الأموال! و قد تكون الرشوة وسوء التدبير والبذخ في صرف المال العام، وعدم نضج المشاريع•• وسوء تقدير تكاليف إنجازها•• وسوء تقدير العائدات منها بعد إنجازها•• وضعف العمل والعمالة في إنجاز المشاريع! قد تكون كل هذه الظواهر موجودة ومؤثرة•• لكن هنا ظاهرة أخرى أكثر خطورة من كل هذه الظواهر، فالاقتصاد الجزائري لا يستند في تسييره لقواعد المؤسسات الاقتصادية الحديثة• فالقطاع العام تسيطر على أنماط تسييره الظاهرة البيروقراطية للدولة•• ويسير هذا القطاع برمته بالإجراءات الإدارية، وليس الاقتصادية ! وهذا أحد أسباب ضعف الأداء..! والقطاع الخاص في عمومه يخضع تسييره للنمط العائلي•• فلا توجد في الجزائر الشركات الخاصة التي تسير وفق قواعد شراكة اقتصادية•• بل إن 90% من الشركا ت الخاصة الجزائرية هي عبارة عن شركات عائلية•• تخضع لأنماط التسيير العائلي وليس أنماط التسيير الاقتصادي•• ولذلك لا تتطور هذه المؤسسات ••لأنها غير مسيرة وفق قواعد التسيير الحديثة••! فمؤسسة الخليفة مثلا وقعت فيما وقعت فيه لأنها كانت تسيّر عائليا وليس اقتصاديا، وكذلك الأمر بالنسبة لمجمع طونيك الذي كاد يندثر لو لم تتم عملية إخراجه من الحالة العائلية في تسييره! واللافت للانتباه هو أن أغلب الشركات الخاصة الكبرى في الجزائر تسيّر عائليا•• ومعنى هذا أن الثقة في هذه الشركات مقدمة على الكفاءة في اختيار المسيرين لذلك. لا غرابة إذا لاحظنا أن ما يحدث في الإقتصاد يحدث أيضا في السياسة••! ومثلما لا يوجد فرق في الجزائر بين العائلة والمؤسسة الاقتصادية•• لايوجد أيضا فرق بين المؤسسات السياسية والعائلية•• ولعل هذا هو أخطر ما يواجه البلاد في مجال سوء التسيير!