بدأ تاريخ الصناعة الحديدية بالجزائر عندما أطلق الجنرال ديغول مشروع المؤسسة العنابية للصناعة الحديدية ''SBS'' هادفا من وراء ذلك إلى ضرب الثورة الجزائرية التي ما انفكت تغزو قلوب الجزائريين عبر كامل ربوع الوطن، ورغم امتعاض كثير من الصناعيين الفرنسيين لهذا المشروع، فقد تم وضع حجره الأساسي، ليتولى الإتحاد السوفياتي غداة الإستقلال مهمة استكمال المشاريع الإقتصادية الفرنسية التي كانت معطلة بالجزائر، ومن ضمنها المؤسسة العنابية للصناعات الحديدية، ما اعتبر ضربة لفرنسا التي شعرت بالخطر الحقيقي الذي تشكله الجذور الروسية المغروسة في قلب المجال الحيوي لها• وتم إنشاء الشركة الوطنية للحديد والصلب ''SNS'' المتكونة من ورشة لتصنيع الحديد وفرن عالي أنجزتهما شركة فرنسية، وتولى الإتحاد السوفياتي مهمة شراء كل منتوج هذه الورشة، علما أن السوق الجزائري آنذاك لم يكن باستطاعته استيعاب منتوج ورشة المركب الحديدي والذي بلغ 1مليون طن من الحديد السائل، علما أن سنة 1969 شهدت تدشين أول فرن عالي لها تزامنا مع تاريخ التصحيح الثوري 19 جوان 1969، ليتشكل قطاع عمومي مبني على التسيير الذاتي، دام فترة السبعينيات، لتحل سنة 1983 تاريخ إعادة هيكلة المؤسسات الوطنية وتتحول الشركة الوطنية للصناعات الحديدية للمؤسسة الوطنية للحديد والصلب، ونقل المديرية العامة من العاصمة إلى عنابة•• أين ركز المسيرون نشاطهم على مبدأ الإنفتاح على الإقتصاد العالمي وتجسيد استراتيجية تعزيز التنمية الصناعية بالجزائر، لكن أمام التسيير العشوائي وتراجع معدل المستثمرين الأجانب، دخل المركب في أزمة إقتصادية امتدت لفترة الثمانينيات إلى 1990 حيث تعطلت الورشات وانهار الإقتصاد المحلي وتراجع معدل الإستثمار بهذا الصرح الإقتصادي الضخم، مما تطلب خوصصته لحماية مناصب العمال، واستحداث برنامج استثماري جديد يدعو إلي تعزيز التعاون الإقتصادي مع المستثمر الأجنبي وتتواجد فروع فرنسية وكوبروسيد مختصة في إعادة تصنيع المنتوجات الحديدية وهيدروسيد، علما أن سنة 1995 هي تاريخ إعادة هيكلة مركب الحجار، عكف على إنجازها مكتب ''إنيست يونغ'' ليفسح المجال أمام الشراكة الهندية بنسبة 65% هذا إلى جانب شراكة فرنسية تحت وصاية الهنود• شلل في الوحدات الإنتاجية وتعطل في المعاملات المالية يواجه المركب الصناعي، أرسيلور ميتال، مشاكل جمة في التسيير واضطرابات في عمل الواحدات الإنتاجية، وكذا الورشات التي يبلغ عددها 28 ورشة، ومشاكل تموينية تخص المواد التقنية، الأمر الذي ساهم في وضع استراتيجية عاجلة لمواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية التي عجلت بغلق عدة مصانع وتوقيف نشاط 13 فرنا عاليا لإنتاج الحديد في أروبا وأمريكا، ولهذا قررت إدارة مركب أرسيلور ميتال، في خطوة كانت مبرمجة سابقا، غلق الفرن العالي رقم 2 بطاقة إنتاج 3500 طن يوميا مدة شهر كامل، بعد إخضاعه لعملية ترميم شاملة• كما تم غلق الفرن رقم 1 والمقدر إنتاجه ب1500 طن يوميا• وبعد الموافقة على الإستراتيجية الجديدة المتمثلة في تركيز إنتاج المركب على الفرن رقم 02 الذي أعيد فتحه بعد استثمار مبلغ قدره 4,4 مليون دولار لتهيئة هذا الفرن ب 10 علب تبريد يبلغ وزن الواحدة منها 3 طن، إلى جانب استحداث قنوات صرف الغازات أتوماتيكيا لمواجهة كل الإنعكاسات السلبية للأزمة المالية، خاصة مع التوقف النهائي للصادرات نحو البلدان الأروبية التي كانت تعتمد أساسا على المنتوجات المسطحة المقدر إنتاجها ب 30% والإنتاج الحالي يتركز حول إنتاج 70% من الأسلاك الحديدية، خاصة منه حديد البناء ''الأنابيب''• وحسب تصريح الأمين العام للنقابة بالنيابة، قوادرية إسماعيل، فإنه تم تسطير برنامج استعجالي لحماية المركب والشروع في تطبيق سياسة تقشف صارمة في ظل الانخفاض الرهيب لأسعار الحديد في السوق العالمية، حيث انخفض سعر القنطار الواحد من 1 مليون سنتيم إلى 3000 دنيار، وزاد الوضعية تعقيدا - حسب المتحدث - إنعكاسات انخفاض المنتوج العالمي على مستوى مصانع المركب في العالم إلى 30% ، إضافة إلى تقلص الطلب على الحديد من طرف شركات صناعة السيارات، ليؤكد ذات المصدر أن سياسة التقشف هذه ستشمل تقليص المصاريف على مستوى مصالح الورشات وأشغال الصيانة مع التحكم في مصاريف المهمات نحو الخارج، وإعادة النظر في الصفقات المبرمة مع الشركات المناولة التابعة للخواص، خاصة في قطاع نقل البضائع• وعبّر قوادرية عن ارتياحه الكبير إزاء الزيادة الحالية المسجلة في أسعار الحديد المعد للبناء• أما فيما يتعلق بتوقف عمليات التصدير التي كانت على المواد المسطحة فإنها لا تمثل أمرا مهما بالنسبة لمصير المركب، خاصة أن تلك المنتوجات تمثل 35% من الإنتاج الإجمالي لأرسيلور ميتال عنابة، المرتكز خاصة على إنتاج الحديد المخصص للبناء بنسبة تصل إلى 70%• وفي سياق آخر ذكر ذات المتحدث أن الحاجة الحالية للسوق الوطنية للحديد يقدر بحوالي 4 ملايين طن من الأسلاك الحديدية، في حين يقدر إنتاج المركب ب 600 ألف طن في السنة، خاصة بالنظر للمشاريع الجوارية الكبرى المتمثلة في الطريق السيار شرق - غرب، البرنامج السكني الضخم، وإنجاز السدود، وعليه فإن حاجة السوق لمنتوجات أرسيلور ميتال يبقى الطلب عليها في تزايد مستمر، علما أن نسبة البيع الداخلية تقدر حاليا ب 30% مقارنة مع التصدير للخارج 70% • وعليه تبقى مسألة الإنعكاسات السلبية للأزمة العالمية حسب النقابي إسماعيل قوادرية بعيدة عن انشغالاتنا الحالية• تجد الإشارة أنه، وفي إطار تطبيق سياسة التقشف إلى جانب الجهود لحماية عمال المركب من خطر التسريح، فقد تم إبرام اتفاقية مع سونلغاز على أساسها تم تخفيض تسعيرة الغاز ب 25%• العمال المسرحون•• نحن ضحايا التلاعب بالقانون شهدت سنة 1997 عملية تسريح جماعي ل 9 آلاف عامل قبلوا تعويضات بموجب اتفاقية مالية مع إدارة المركب، غير أن هؤلاء قاموا باحتجاج موجهين أصابع الإتهام نحو المسؤولين الذين اتهموهم بالتحايل في العدد الحقيقي للعمال المسرحين من سيدار، مطالبين السلطات العليا في البلاد بوضع حد لمثل هذه الخروقات، مع تعويض المبلغ المستحق أوإعادة إدراج العمال في مناصبهم في الشركة كعمال متعاقدين أو توظيفهم في شركة أرسيلور ميتال كعمال دائمين في مناصبهم• هذا عقب تجسيل تجاوزات خطيرة على مستوى المبالغ المدفوعة للعمال المسرحين، حيث تم تسجيل فوارق فاقت 15 مليون في المبلغ المسدد لكل عامل، علما أن العمال كانوا قد أكدوا أن هذه التجاوزات موجودة في سجلات رسمية، كما أن الإتحاد العام للعمال الجزائريين كان قد حدد مبلغ 31 مليون للعامل الذي بلغت أقدميته 10 سنوات عملا، في حين أن مسرحي 1997 بلغت أقدميتهم 16 سنة•• لذلك طالبوا بزيادة عن المبلغ المدفوع، وعليه لم يفهم العمال المسرحون إلا سببا واحدا لجعل من شركاء ومسيري هذا المركب يختارون هذا النوع من الصراع والتصعيد بهدف القضاء النهائي على كل الإنجازات المحققة طيلة ال 20 سنة• وأمام تمسك العمال بمناصب عملهم ورفضهم لقرارات التسريح جملة وتفصيلا، يبقى موقف الإدارة مؤكدا على هذا الواقع الذي يفرض نفسه بقوة هذه السنة، حيث ستكون 2009 حسب تصريح مدير أرسيلور ميتال، برنارد بوسكي، سنة صعبة على سوق الحديد العالمية•• فمن الضروري استحداث إجراءات فعالة في عملية تسيير المركب، ما يعني أن الوقت قد حان لاتخاذ قرارات خفض اليد العاملة على جميع المستويات، فلا يمكن '' تصنيع ما لا نبيع''•• وأضاف ذات المتحدث أنه تلقى تعليمات صارمة فيما يخص عملية خفض مصاريف تسيير المركب المتعلقة بمختلف ورشات الإنتاج بسنتين، من ذلك مجالات الصحة، الأمن، وتكوين العمال• كما أدلت السيدة'' شارلوت دودواي'' عن الشريك الفرنسي للمركب، بتصريح لها تؤكد من خلاله ضرورة فهم واقع أرسيلور ميتال تحت ضغط الأزمة العالمية، وأن الوقت قد حان لاتخاذ قرارات فاصلة بشأن العمال• وعلى غرار سلسلة أرسيلور ميتال عبر بلدان العالم، فإن ميتال عنابة سيلقى نفس المصير، حيث كشفت الإدارة الفرنسية بالمركب في شهر نوفمبر الماضي عن برنامج ذهاب طوعي آخر للعمال، وهذا للتوصل للتحكم في مصاريف المركب المقدرة ب 1 ملياردولار، إلى جانب تخفيض الإنتاج بنسبة 35 بالمائة• ويضيف السيد ميتال من لوكسبمورغ في رسالة موجهة لعمال مركب الحجار أنه يشكر كل الذين بذلوا مجهودات معتبرة في تسيير المركب، ''إلا أن الإدارة العليا قد وجدت نفسها مجبرة على وضع تدابير صعبة لضمان سير وتواجد هذا الصرح الإقتصادي على المدى الطويل''•• بهذه الكلمات لخص صاحب سلسلة أرسيلور ميتال قرار تسريح العمال، والذي من المنتظر أن يبث فيه هذه السنة على غرار عدة شركات حديد عالمية مثل ريو تينتو البرازيلية التي أعلنت عن إلغاء 14000 منصب عمل، نيبون ستيل، ثاني سلسلة تصنيع حديد ترتقب خفض الإنتاج بتسريح 600 عامل• أمام هذه الوقائع لم يخف عمال مركب الحديد والصلب تخوفهم من عمليات التسريح، لذلك ظهر نشاط النقابة ممثلة في الأمين العام بالنيابة سماعيل قوادرية الذي سيباشر مفاوضات شهر جويلية مع إدارة المركب بخصوص لائحة مطالب متعلقة بالزيادة في الأجور والمنح، وكذا تحسين ظروف ونظام العمل، والتكفل بملف المفحمة لأن لعمالها قانونا خاصا بهم• إختلاسات تورط فيها جزائريون وأجانب إضافة إلى مشاكل انعكاسات الأزمة المالية، طفت إلى السطح قضية اختلاسات النفايات الحديدية التي تورط فيها شريكان هنديان، إلى جانب عوني أمن جزائريين كانا قد اعترفا بتلقيهما مبالغ مالية من الهنديين للسماح لشاحنات شركة المناولة بالمرور محملة بالنفايات الحديدية، علما أن مبلغ الإختلاس لم يحدد نتيجة استمرار عمليات البحث والتحري من قبل الأمن الإقتصادي العسكري، الذي خلص إلى تورط نائب ولائي رفقة آخرين في عمليات اختلاس نفايات حديدية تقدر قيمتها بملايين الدينارات• علما أن عملية البحث لا تزال متواصلة على ثلاثة أشخاص صدرت في حقهم أوامر بالقبض، ويتعلق الأمر بكل من (لخضر• ب) مدير أمن داخلي أسبق بالمركب و(عبد الوهاب• ل) صاحب شركة مناولة متخصصة في استرجاع النفايات الحديدية، إضافة إلى (كمال• ز) عون أمن بمركب أرسيلور ميتال• تجدر الإشارة أن محكمة الحجار كانت قد أدانت المتهمين الهنديين بثبوت التهمة عليهما، والحكم ب 3 سنوات سجنا رفقة عوني الأمن• ومازاد الطين بلة هو تصريح عيسى منادي مؤخرا، الأمين العام لنقابة الفاسيد، في ندوة صحفية، على إهدار 520 مليار دينار من أموال المركب تسببت فيها شركة تونسية كانت تعمل تحت مسؤولية ''غراند سميث'' الهندية• مع بقاء الصراع النقابي بين كل من عيسى منادي والنقابي بالنيابة سماعيل قوادرية الذي لم يفصل فيه بعد رغم أن الفترة تعتبر حرجة للغاية، خاصة أمام مشاريع معطلة مثل مشروع بلارة بجيجل الذي يبقى ملفا مفتوحا أمام الحكومة لتحديد نسبة الأسهم فيه بالنسبة للدولة والشريك الأجنبي•• بشكل يضمن عدم تكرار أخطاء الشراكة الأجنبية بأرسيلور ميتال• 5242 عامل يمضون قرارا بالموافقة لفتح تحقيق حول أموال لجنة المشاركة الإجتماعية أعلن 5242 عامل من أرسيلور ميتال موافقتهم على وضع ملف لجنة المشاركة والخدمات الإجتماعية بين يدي العدالة، وهذا من خلال إمضائهم قرارا بذلك صدر عن نقابة المركب التي لا زال يرأسها بالنيابة إسماعيل قوادرية، حيث أوضح هذا الأخير أن المراحل الإدارية المتمثلة في إيداع شكوى تخص فتح تحقيق في أموال الخدمات الإجتماعية للجنة المشاركة منذ 18 أكتوبر 2000 إلى يومنا هذا، وتعيين محامي يتولى القضية على مستوى محكمة الحجار• قد استكملت نهائيا وبمباركة من العمال الذين جاءت مساندتهم، حسبما أدلى به في الوقت المناسب لإضفاء القوة على النقابة، علما أن هذه الأخيرة كانت ولا تزال محل صراع مع الطرف الآخر المتمثل في عيسى منادي• من جانب آخر أكد إسماعيل قوادرية، في بيان له تسلمت ''الفجر'' نسخة منه، أن الوقت قد حان لإحداث القطيعة مع ممارسات المسؤولين المشكوك فيها، والتي كانت دائما تهدف لضرب العمال• تجدر الإشارة أن التحقيقات التي تباشرها الغرفة الإقتصادية العسكرية لا تزال متواصلة بخصوص تورط نائب ولائي في اختلاس النفايات الحديدية للمركب، إلى جانب تسليط الضوء على الحديد من الصفقات التي أهدرت أموال أرسيلور ميتال• مازاد الطين بلة هو تصريح عيسى منادي مؤخرا، الأمين العام لنقابة الفاسيد، في ندوة صحفية، على إهدار 520 مليار دينار من أموال المركب تسببت فيها شركة تونسية كانت تعمل تحت مسؤولية ''غراند سميث'' الهندية• سلسلة أرسيلور ميتال متمركزة في 50 دولة تشغل أزيد من 320 ألف عامل، تشكل الدول العربية جزءا لا يتجزأ منها• وكان قد بين الإتحاد العربي للصلب أن أكبر نسبة انخفاض في إنتاج الصلب الخام كان من نصيب الجزائر إذ بلغت 49,45% في حين بلغت نسبة مصر العربية 15 ,58 %، السعودية 27,76% ليبيا 3,57% • كما بلغ الإنتاج العالمي من الصلب 1,329 ,7 مليون طن متري عام 2008 شكل إنتاج الدول العربية 16,4مليون طن بإنخفاض 4,14 عن سنة 2007 الذي كان قد وصل إلى 17,1 م / طن• وفي الوقت الذي حافظت فيه كل من سوريا، الكويت، الإمارات ، عمان، اليمن، السودان وتونس، على نفس سقف الإنتاج شهد الربع الرابع من سنة 2008 إنخفاض الإنتاج الجزائري للصلب الخام ب 44, 23 أي 3,12طن مقارنة ب 2007 التي شهدت إنتاج 4,173 طن من الحديد•