يواصل المخرج الفرنسي سيرج مواتييه تصوير فيلمه التلفزيوني الجديد الذي سيبث قريبا على القناة الفرنسية الثانية » فرانس 2 « بعنوان |» ديغول الحرب الأخرى« والذي سيتناول بالتفصيل الجنرال ديغول وسياسته الاستعمارية 1958-1962 و إدارته وتعامله مع الثورة الجزائرية وما أفرزته من نتائج على الواقع والمؤسسات الدولية ليتأكد أن السينما الفرنسية وإعلامها ما زال بنبش في العلاقة الغير صحية بين فرنسا ومستعمراتها السابقة وتأجيجها للعديد من القضايا التي ساجل فيها أكبر الأسماء التاريخية والفنية حول حقيقة ما إقترفته الآلة العسكرية الفرنسية من تجاوزات ضد القيم الإنسانية والأعراف الحربية والرجوع ولو سينمائيا للبكاء على أطلال الجزائر وخيراتها عبر العدسات السينمائية وترميم صورة البطل القومي القوي الذي هز عرشه ثلة من أبناء الجزائر المؤمنين بالحرية وكرامة الجزائر بعيدا عن قيود فرنسا الإستعمارية الفيلم الذي إشترك في كتابة السيناريو كل من المخرج ذاته وكريستوف باربييه وهيوغ نانسي يجمع بين الوثائقي والروائي يوظف فيه كم هائل وانتقائي من الأٍرشيف الخاص بمنقذ الجمهورية الفرنسية الجنرال شارل ديغول فيما خصص لإضفاء الروح الواقعية عليه أين تم تدعيمه بجانب روائي حيث وقع أداء دور الجنرال ديغول الفنان الفرنسي لتقديم الجانب الإنساني والشخصي للجنرال على الممثل باتريك شيزنييه والغريب أن المخرج سيرج مواتييه وفي تصريح إعلامي تسائل كيف أن الجنرال شارل ديغول صاحب التاريخ النضالي الراسخ والمؤمن راديكاليا بضرورة الحفاظ على المستعمرات الفرنسية يتساهل بمنح إستقلال بعد 4 سنوات فقط من إعتلاؤه الحكم وقد ساهم انقلاب الجنرالات في الجزائر يوم 13 ماي 1958 التعجيل بمجيء الجنرال دي غول إلى الحكم في أول جوان 1958.وقد طالب الجنرال ديغول من الجمعية الفرنسية صلاحيات استثنائية واسعة بهدف إنقاذ فرنسا من الأزمة الناتجة عن الضربات الموجعة للثورة التحريرية وقد ارتكز اهتمامه من خلال سياسته المطبقة في الجزائر على مبدأ فكرة الأخوة التي تدخل بدورها في الإطار العام لسياسته القائمة على فكرة الجزائر الفرنسية معتمدا في ذلك على مشروعه الرهيب وهو مشروع قسنطينة الذي أعلن عنه في خطابه الذي ألقاه بمدينة قسنطينة بتاريخ 3 أكتوبر 1958 ، يضاف إلى مشروعه هذا نداءه الخاص الذي وجهه إلى قادة ومجاهدي جيش التحرير الوطني في 23 أكتوبر 1958 والذي أطلق عليه سلم الشجعان ، وبالموازاة مع هذا المنهج الرامي إلى خنق الثورة سياسيا واجتماعيا واقتصاديا كانت العمليات العسكرية الفرنسية ضد جيش التحرير تزداد اتساعا على يد الجنرال شال ، لكن هذا النوع من السياسة فشل أمام صلابة جبهة وجيش التحرير الوطنيين وتماسكهما أقنع الجنرال ديغول بعد انتخابه على رأس الجمهورية الخامسة في أوائل 1959 بضرورة البحث عن حل موازي تمثل في فكرة تقرير المصير وهي الفكرة التي جاءت بناء على تصريحه في 16 سبتمبر 1959 لكن الاستفتاء حول تقرير المصير ذاته وضع سياسته أمام ثلاثة مسائل وهي مسالة الإدماج مع فرنسا أو مسألة الانفصال عن فرنسا أو مسألة الفدرالية مع فرنسا وقد انتهت سياسته في الجزائر بعد الهزائم التي منيت بها فرنسا سياسيا وعسكريا بفكرة قبول تقرير المصير الذي يتولاه الجزائريون بأنفسهم ، وقد حصل ذلك مع بداية 1961 محاولا ترسيخ مصطلح الجزائر جزائرية إلى جانب تصريحه الرنان الذي جاء فيه عبارة لقد فهمتكم غير أن مظاهرات 11 ديسمبر1960 أكدت له تمسك الشعب الجزائري بممثله الشرعي والوحيد جبهة التحرير الوطني التي كانت تطالب على الدوام بالاستقلال الكامل غير المنقوص لتبدأ مرحلة جديدة هي مرحلة المفاوضات التي حافظ من خلالها ديغول على ماء وجه فرنسا حتى لا تكون هناك هزيمة ثانية عسكرية في الجزائر مثل هزيمة ديان بيان فو في الهند الصينية. للتذكير سبق للقناة الثالثة للتلفزيون الفرنسي عرض فيلم عن الحياة العائلية والحميمة للرئيس الفرنسي السابق الجنرال شارل ديغول. أخرجه رينيه جان بوييه، وهو سينمائي متخصص في الأفلام الوثائقية التي تستعيد سير الشخصيات التاريخية وتنبش الملفات القديمة. واستند بوييه في عمله إلى المؤلف الضخم الذي وضعه الأميرال فيليب ديغول، نجل الجنرال، عن سيرة والده بعنوان «ديغول أبي» بالتعاون مع ميشيل تورياك. ويعرض الفيلم صوراً خاصة يبدو فيها ديغول في دور الأب الحنون ورب الاسرة، بخلاف صورة القائد الصارم والضابط الذي قاد بلاده إلى النصر، الذي سجله له التاريخ.