كم منا، نحن الجزائريين، عندما يتحدث عن القارة السمراء أوعن أشقائنا الأفارقة، يتكلم عنها بصيغة الآخر. ونقول الأفارقة عندما نعني بذلك السود من سكان القارة، وكأننا لا ننتمي لهذه الأرض، فكثيرا ما ننسى أننا نحن أيضا أفارقة، ربما لأننا أدرنا بظهرنا إلى القارة وخالفنا مقولة ''إفريقيا للأفارقة''، وهو الشعار الذي رفعه الملك النوميدي ماسينيسا غداة توليه الحكم في نوميديا• الشعار يعبر عن شدة مقت الملك النوميدي للقرطاجيين والرومان الذين احتلوا شمال إفريقيا وأخضعوا سكانها لحروب لا تنتهي• كم منا يرفض انتماءه العرقي للقارة ويردد في كلامه يوميا عبارات عنصرية ضد أشقائنا السمر، فالأسود كان دائما مرادف للوصيف أي الخادم، مع أننا ننتقد بشدة العنصرية الأمريكية التي مارستها أمريكا لقرون ضد الأمريكيين من أصول افريقية، وساندنا أيضا بقوة كل حركات التحرر الإفريقية، التي استلهمت من ثورتنا التحريرية شعلتها، وساندنا كفاح مانديلا ضد الأبارتايد، ومع ذلك كنا ولازلنا عنصريين حتى النخاع، حتى أثناء مباريات كرة القدم والكأس الإفريقية كنا دائما نفرح عندما تكون الكأس من نصيب الفرق العربية، التي نناصرها بتبجح لا لشيء إلا لأننا نرفض انتماءنا إلى هذه القارة، حتى أننا لا نعد البعد الإفريقي في هويتنا التي نصر على أنها عربية أمازيغية إسلامية فقط، ومع ذلك فنحن أفارقة، حتى ولو كانت بشرتنا أقل سمرة من سكان الكونغو أو زامبيا أو حتى تامنراست. نحن أفارقة، وكانت عاصمتنا أمس جميلة جدا وهي تتصالح مع هويتها الإفريقية، التي خلعتها تحت تأثير الثقافات الاستعمارية التي مسختها طوال قرون مضت، من القرطاجيين إلى الرومان والوندال أوالعرب والإسبان وأخيرا الفرنسيين. وانتماؤنا إلى القارة لا نريده أن يبقى حبيس الجانب الفلكلوري فقط، فالهوية ليست معارض أو فرجة. الهوية هي أن تعتز نفسيا بهذا الانتماء الذي لابد من تجسيده في كل جوانب الحياة الأخرى، والغاية أن نجعل من إفريقيا تكتلا سياسيا واقتصاديا مثلما هي التكتلات الجهوية الأخرى في أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية، ولماذا لا تكون إشارة الانطلاق هذه من هنا، من الجزائر•