من المنتظر أن يحلّ الأفارقة صيف هذا العام، بداية من 5 جويلية المقبل، وعلى مدى أسبوعين كاملين، ضيوفا على الجزائر في تظاهرة ثقافية كبيرة * لا شك أنها ستكسر صيف الجزائريين الذي توحي مقدماته بأنه سيكون حارا على غير العادة.. * وإفريقيا كما هو معروف، قارة تحمل من التنوّع ما يعطيها مرتبة الصدارة ضمن القارات الخمس من حيث الثراء الثقافي والزخم الحضاري..، وتماما مثلما كرّست هذه القارة السمراء صورة نمطية عنها، بكونها قارة الأزمات السياسية، والانقلابات والصراعات على الحدود، وهشاشة البنى السياسية لكياناتها القطرية، إضافة إلى كونها قارة الأمراض والأوبئة، وقارة السيدا سرطان العصر، فستحاول من خلال هذا المهرجان، أن تثبت أنها قارة شريكة في صناعة مستقبل البشرية، وأنّ بإمكانها التأثير في مساراتها المختلفة.. * وضمن هذا الإطار فإنّ الجزائر بلد طليعي إفريقيا، وتنظيم هذه التظاهرة في شهر جويلية، يصادف ذكرى الاستقلال الوطني، وهذا له أكثر من دلالة، أهمّ هذه الدلالات، هي أنّ إفريقيا تريد أن تتحرّر من ربقة التبعية لقارات أخرى أعطتها الجغرافيا برودة الطقس، وحرمتها مشاعر الإحساس بهموم هذه القارة السمراء، وهي الهموم التي كثيرا ما كانت شعوب العالم المتقدّم سببا في تغذيتها، وتأجيج نارها.. * قبل سنتين عاشت الجزائر على مدى عام كامل تحت إيقاعات عربية، صنع الأشقاء العرب من خلالها الفرجة، ونقلوا إلى الجزائريين الذين لم تسمح لهم الظروف بزيارة الأقطار العربية، والوقوف على خصائصها الثقافية صورة مصغّرة عن التنوّع الثقافي العربي، ومن ثمّ مشيرين إلى ما يمكن أن يتحقق من تواصل لو تتوفر النوايا لبناء أفق عربي مشترك.. * ربما ستخلص التظاهرة الإفريقية التي تتهيأ الجزائر لاحتضانها، إلى نتيجة مشابهة، وستظهر من دون شك للجزائريين خصوصا وللأفارقة وللعالم، الكثير من الطاقات التي تختزنها هذه القارة، التي كانت ولازالت، خزانا يمدّ الكثير من الشعوب المتقدمة بالطاقات التي عجزت هذه القارة أن توفر لها المحضن المناسب لتطورها، والاستفادة منها، وتاريخ الولاياتالمتحدةالأمريكية التي تصنع الكثير من القرارات الحاسمة في عالم اليوم، يتحدث بتلك الهجرات التي تمّت من إفريقيا إلى أمريكا مؤسّسة لمساهمة الأفارقة في صناعة ما تنعم به أمريكا من رخاء على جميع الأصعدة.. لكنّ الأفارقة الذين يقفون في آخر طوابير النتمية، يبدو أنّ اجتماعهم لا يختلف كثيرا عن تفرّق مجالسهم، ببساطة، لأنّهم لا يريدون الاستفادة لا من التاريخ، ولا من الجغرافيا..، وهم في ذلك لا يختلفون كثيرا عن العقلية العربية، التي ظلّت تبشّر طيلة أكثر من نصف قرن مضى بالقفزة النوعية، لكن الذي حدث هو قفزة نوعية باتجاه التخلف والانحطاط، بما كرّس الانطباع الذي مفاده أنّ العرب والأفارقة يقفون على خط واحد وهو صناعة فرجة الهوامش لا أكثر ولا أقلّ..