وجّه التلاميذ الخمسة لدى مثولهم يوم الخميس الفارط أمام محكمة باب الوادي لمقاضاتهم بتهمة إهانة وتدنيس العلم الوطني بثانوية عقبة بن نافع بباب الوادي، اعتذارهم للعدالة الجزائرية، حيث ترجوا هيئة المحكمة أن تسامحهم وتعفو عنهم، وتغفر لهم الذنب الذي اقترفوه دون قصد فعله، وهو اعتذار موجه بصورة أعم للشعب الجزائري، لأن العدالة تنطق أحكامها باسمه• وقد تجلت ملامح الندم على التلاميذ الخمسة بصورة واضحة لكل من حضر الجلسة، إلى درجة أن عيون التلاميذ اغرورقت بالدموع ندما على مزحة طائشة صادرة من مراهقين، تحوّلت إلى كابوس يهدد مصير مستقبلهم، في ظل تمكن تلميذين من اجتياز شهادة البكالوريا، في حين ينوي البقية إعادة السنة للظفر بمقعد في الجامعة• وفي هذا الصدد قال دفاع التلاميذ الخمسة، المحامي شريف بوزكريا، إن العدالة ميزان تحكم بالعدل والقانون، والرحمة فوق القانون، في إشارة منه إلى أن الدولة الجزائرية عوّدت أبناءها على الرأفة بهم دائما• وخلال الجلسة فنّد التلاميذ الخمسة سوء نيتهم في فعلتهم التي ندموا عليها كثيرا، بدليل أنهم لم يكونوا يدركون أن تصرفهم هذا ''سيؤدي بنا إلى هذه النتيجة الوخيمة وندفع جراءها الثمن غاليا''، خاصة وأن حقيقة الموضوع كانت قيامهم بنزع قطعة قماش مطرزة بكلمات من النشيد الوطني كانت مثبتة في إطار معلق على جدار القسم، حيث قام أحدهم بطيها ووضعها في حقيبته قبل أن يقوموا برسم العلم الفرنسي باستعمال القلمين الأحمر والأزرق، ويدوّنوا عبارة ''ليتك فرنسا بقيت''، وليس ''قيامنا بتمزيق العلم الوطني وتدنيسه كما تم الترويج له''• وقد التمس ممثل الحق العام عقوبة ست سنوات حبسا نافذا في حين طالب دفاع الوكيل القضائي للخزينة تعويضا ب500 ألف دينار• وألهب المحامي شريف بوزكريا الذي ظل ممسكا بالعلم الوطني، قاعة المحاكمة بمرافعته التي كانت أشبه بدرس في التاريخ الجزائري، حيث تطرق لشهداء الثورة، وصاحب إلياذة الجزائر مفدي زكريا مؤلف النشيد الوطني، قبل أن يقول إن ''الدولة الجزائرية لم تلقن شبابنا حب الوطن، على غرار نظرائهم في البلدان الأخرى، حيث عندما يعزف نشيدهم الوطني يضعون أيديهم على القلب، في إشارة منهم إلى أن الوطن في القلب''• وعرّج المحامي على ''بعض السياسيين الذين يتحدثون عن حب الوطن، ويتّهمون أبناءنا بعدائيته، في الوقت الذي يبعثون فيه أبناءهم للدراسة في فرنسا''، مبديا استغرابه من ''لوم أبنائنا على التغني بفرنسا في الوقت الذي لم نسع إلى تلقينهم حب الوطن وبشاعة المستعمر الفرنسي''• ومن جهته المحامي أعمر آيت عامر انصبت مرافعته بصفة أدق على جسم الجريمة الذي هو عبارة عن قطعة من القماش وليس بالعلم الوطني، وهو ما جعله يوضح أن قطعة القماش لا تحمل أوصاف العلم الوطني المحددة في المرسوم رقم 294 / 63 المؤرخ في 11 جويلية 1963 الذي يحدد شكل وأوصاف العلم الوطني• وأضاف أن المادة 160 مكرر لا يمكن إسقاطها على الفعل الذي ارتكبه التلاميذ الخمسة لأن هدفهم لم يكن ''تدنيس، تشويه وتمزيق العلم الوطني''، كما أن هذه المادة تشترط وجود الركن المعنوي المتمثل في قصد العمد والعلانية غير أن هذه النية تنعدم مثلما أوضحته المناقشات•