مطار هواري بومدين تحول إلى ملعب كبير بفعل التدفق الجامح للأنصار الذين أبوا إلا أن يكونوا في استقبال من شرفوهم وأعادوا لهم نشوة الفوز والفرحة التي لا تزال متواصلة في كامل أرجاء الجزائر· كان الجميع ينتظر على أحر من الجمر، وما إن حطت الطائرة وفتح الباب حتى هتف الجميع ''وان تو ثري فيفا لالجيري''، لينزل اللاعبون الواحد تلو الآخر بعد نزول رئيس الفاف روراوة، ثم سعدان الذي كان الجميع يهتف له ''جيش، شعب معاك يا سعدان والربحة في السودان''· وكان الهتاف الأكبر من نصيب الحارس فوزي شاوشي الذي أحدث المفاجأة بعد أدائه لمباراة كبيرة وهو ما أدخله التاريخ بدون منازع، حيث صاح الجميع ''الله أكبر فوزي شاوشي'' الذي بادل بدوره التحية مع الجميع· الجميع بعدها استقل حافلة ''السانفيي'' المكشوفة ليكون الانطلاق من المطار باتجاه قصر الشعب حيث استقبل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أبطاله· وهنا تبدأ الملحمة التي لم يكن يتوقعها أي كان· فبعد انتظار دام ثلاث وعشرين سنة، أتى اليوم الموعود·· حشود من المواطنين على حواف الطريق، نساء رجالا، شيوخا وأطفالا، الكل أتى لغاية واحدة وهي رؤية أبطال الجزائر الذين ثاروا لهم من الفراعنة وتأهلوا للمونديال· فكما قال بعض الذين تمكنت ''الفجر'' من الحديث إليهم قبل وصول سعدان وأبنائه، أنهم يريدون أن يقولوا للاعبين ''تستحقون التقدير والشكر لأنكم أسعدتم الجزائر والجزائريين''· سار الموكب بصعوبة كبيرة جدا لرغبة الجمهور الجمهورالتقرب من الحافلة التي استقلها اللاعبون وكلهم منسجمون ومتفاعلون مع الجمهور، لدرجة أنهم كانوا يتبادلون معهم التحية والقبلات كما كانوا كذلك يغنون معهم كل الأغاني التي تتغنى بالفريق الوطني، منها خاصة ''لي زالجيريان '' التي أعجبت اللاعبين كثيرا ورددوها مرارا بمعية الأنصار· وبساحة أول ماي التي مر بها الخضر وكان الأنصار ينتظرونهم بها منذ الساعة الواحدة تقريبا، بدأت أول مجموعات المشجعين تتشكل وتميزها لوحة ثلاثية الألوان الأبيض والأخضر والأحمر· الكل كان يريد أخذ الأماكن الأولى، لقد تسلق بعضهم الأشجار، كما جازف آخرون بالجلوس على أعمدة الإنارة، فيما شكل البعض صفوفا على طول الرصيف· ولم تكن ساعة وصول اللاعبين مهمة بالنسبة لأغلبية المناصرين، بحيث أنهم كانوا كلهم عازمين على انتظار عناصر المنتخب الوطني لشكرهم والتعبير لهم عن عرفانهم لهم بالفرحة التي قدموها للجزائر· الجميع يريد رؤية أبطاله عن قرب، خاصة وأنهم تأثروا كثيرا بما حدث للخضر في القاهرة· وكان وصول حافلة الفريق الوطني إلى ساحة أول ماي بمثابة فرصة لانفجار الحناجر التي لم تتوقف عن الهتاف ''وان ثو ثري فيفا لالجيري''· طبعا كل هذا قابلته إشارات التحية والقبل من اللاعبين للجمهور الذي كان رائعا· وبعد حوالي ثلاث ساعات ونصف من السير من المطار إلى قصر الشعب، وصل اللاعبون إلى المكان الذي سيحظون فيه باستقبال الرئيس بوتفليقة، لكن شاحنة الحماية المدنية التي كانت تقل الصحافيين تأخرت لصعوبة المرور وسط حشود الجماهير التي أحاطت بها، وراح بعضهم يحيي الصحافة بقولهم ''الصحافة ديالنا ديالنا''، حيث أن الشاحنة كانت بعيدة عن قصر الشعب بحوالي خمسمائة متر· وبعد نزولنا والتحاقنا بباب القصر، قيل لنا بأننا لن ندخل لأننا متأخرون والرئيس بدأ استقباله الرسمي· وبعد الإلحاح والمشاورات مع مسؤول خلية الاتصال، مكننا من الدخول·