بعد أن كان الجزائري يوصف بالمستهزئ فيما يتعلق بالأمور الصحية، ويكتفي بما يصفه أول شخص يقابله من دواء لعلاج الصداع أو ارتفاع الحمى، وهي من الظواهر السلبية ما دام الأمر يتعلق بصحته التي قد يتسبب الإهمال في تدهورها، تحول في الأيام الأخيرة إلى مدمن على الذهاب إلى مصالح الاستعجالات بالمستشفيات والعيادات، والسبب الخوف من الإصابة بالأنفلونزا، حيث تحول المرض إلى جزء من يوميات المواطن الجزائري خاصة بعد أن وصل عدد الوفيات إلى 13 حالة في فترة تقل عن الأسبوعين• أول ما شد انتباهنا لدى تنقلنا إلى المستشفى الجامعي مصطفى باشا بالعاصمة الإقبال الكبير للمواطنين على مصلحة الاستعجالات، والسبب الرئيسي تخوفهم من حمل فيروس ''أش1 أن''1 خاصة بالنسبة للذين يشتكون من أعراض الأنفلونزا الموسمية، وأجمع أغلب قاصدي هذه المصلحة أن إقبالهم كان بدافع التأكد من عدم إصابتهم بأنفلونزا الخنازير، علما أن أغلبهم كانوا ممن يشكون من الحمى• الوسواس يدفع المواطنين إلى مصلحة الاستعجالات من حالة الاكتظاظ التي وقفت عليها ''الفجر'' في مصلحة الاستعجالات بذات المستشفى، تأكدنا أن حالة الخوف والقلق من انتشار المرض وصلت إلى درجة متقدمة في نفوس المواطنين، والذي يلجأ العديد منهم إلى المستشفيات ويصرون على إجراء التحاليل إضافة إلى الفحص العادي• محمد الذي وجدناه في قاعة انتظار مصلحة الاستعجالات، أخبرنا بأنه أحضر ابنته التي تبلغ من العمر 12 سنة بعد ارتفاع درجة حرارة جسمها، وأضاف بأنه أسرع بها على الفور مخافة أن يكون الفيروس اللعين قد تمكن من التسرب إلى جسدها، ليعالجها ويمنع انتقاله لباقي أفراد العائلة• وبجانبه كانت تجلس سيدة تبلغ من العمر 40 سنه حضرت بدورها إلى المستشفى لإجراء فحوصات طبية، أسرت لنا بأنها قصدت المصلحة للتأكد من سلامتها، حيث أرادت أن تقطع شك الإصابة بيقين التحاليل السلبية• وفي حديثنا مع أحد أعوان شبه الطبي كشف لنا ''أن هذه الأيام أصبح الناس بمختلف شرائحهم الاجتماعية يترددون بكثرة إلى المستشفى بصدد أجراء فحوصات وتحاليل''، وأضاف أن ''المريض يفحصه الطبيب ويعطيه علاجا يمتد على أربعة أيام، على أن يعود لإجراء تحاليل أخرى لتشخيص المرض بدقة بعد أن يتم أولى مراحل العلاج''• والشيء الملفت للانتباه أن أغلبية الناس يضعون الأقنعة الواقية التي تمنع انتقال الفيروسات، إلا أن عددا آخر يتعاملون مع المرض بلامبالاة وكأنه لم يطرق أبواب الجزائر بعد• وفي نفس السياق يقول رجل يعمل بأحد المصانع إنه يجب على الجهات المعنية أن تقوم بحملة لتوعية الناس، لأن الكثيرين يجهلون المرض، ويجب على الجزائر أن تعلن حالة طوارئ خاصة في الأماكن العمومية كالهاتف العمومي وأجهزة النقل كالحافلات والقطارات، حيث يكون الاحتكاك كبيرا بين الناس• من جهة أخرى قال مسؤول توزيع الأدوية والمعدات الطبية بمستشفى مصطفى باشا ''لا توجد رؤية واضحة وصريحة للمرض وسط الناس، لأنهم لا يملكون نفس الدرجة من الوعي بخصوص خطورة المرض، لذا نضطر للتكلم مع كل واحد باللغة التي يفهما بهدف توعيتهم''•