هل كان الأمريكان والفرنسيون على حق عندما فاز الجنس الأصفر (الصين واليابان) بصفقة العمر، عفوا حلم العمر؟ هل تتنبأ الأمريكان والفرنسيون عندما قالوا قبل 18 سبتمبر 2006 إن الطريق السيار شرق - غرب لن يسلم في الآجال المحددة له؟ ثم بعد هذا•• هل سيتم تسليم المشروع بتاريخ 17 جانفي 2010 مثلما هو محدد في العقود من المجمعين الصيني والياباني؟ وكم كيلومترا بقي من المشروع لنقول إن لنا الآن طريق سريع شرق - غرب؟ وما هو طول الطريق السريع هذا؟ ثم ما هو المبلغ المخصص لمشروع القرن؟ ومن أمر بتمديد فترة الإنجاز بستة أشهر ونصف الشهر أخرى لإنجاز المشروع بمرر التقلبات الجوية؟ ومن نصدق الآن؟ وأين هي الأرقام الحقيقية القريبة من الواقع؟•• آخر رقم سمعناه عن المشروع هو 98 بالمائة نسبة تقدم أشغال في شطر شرق البلاد•• فأين ذلك في الميدان؟ لنعود إلى قضية تمديد الآجال ب6 أشهر ونصف الشهر، أي إلى جويلية .2010 هل سيكون الطريق السريع شرق - غرب جاهزا تماما؟ وإذا كان هذا التمديد بمبرر الأحوال الجوية•• فهل الأحوال الجوية في سطيفوبرج بوعريريج مثلا، هي نفسها الأحوال والتقلبات الجوية في ولايتين ضمن الشطر الغربي من الطريق السريع؟ فكيف، إذن، تم إسقاط مبرر الأحوال الجوية على كل المشروع؟ ثم هل صندوق التعويض عن التقلبات الجوية في مثل هذه المشاريع على علم بتوقف الأشغال بالمشروع؟ وهل قام بالتعويض مثلما تقتضيه القوانين؟ ثم هل هناك تقارير خدمة تؤكد كل يوم توقفت فيه الأشغال بسبب الأحوال الجوية؟ هل بإمكان الجزائري اليوم، قبل أيام قليلة من انتهاء المهلة المحددة للإنجاز، أن يحلم بالسير على الطريق السيار؟ هل قدر الجزائري ألا يفرح أبدا ويتمتع بالمشاريع الضخمة التي ظل يحلم بها؟ هل قدر مشروع القرن كحلم الميترو بالعاصمة؟ وهل من حق كل مواطن جزائري أن يسأل عن مصير هذا المشروع؟ من المسؤول عن المشروع؟ هل هي رئاسة الجمهورية أم رئاسة الحكومة؟ أم هل هي وزارة الأشغال العمومية؟ وهل هم مسؤولو الوكالة الوطنية للطرق السريعة؟ هل هم عمال المجمع الياباني ''كوجال''؟ أم '' سي أر تي سي سي'' الصيني؟ هل هي الأحوال الجوية؟ أم هو القدر••؟ هي بعض الأسئلة جمعتها طيلة الشهر الماضي من هنا وهناك؛ ووجدت صعوبة في الإجابة عليها، من باب أن القضية وما فيها اليوم أمام العدالة للتحقيق فيها، فهل ستجيبنا العدالة عن بعض هذه الأسئلة؟ وهل يكشف المتهمون في قضية الطريق السريع شرق - غرب عن ''خفايا'' بدأت تظهر؟ وهل ستسقط ''رؤوس'' كبيرة في هذه القضية؟ لننتظر قليلا وسنرى••• شهادة مطابقة وهمية اختفت بعد التدشين كشفت مصادر حسنة الاطلاع على ملف مشروع الطريق السيار شرق - غرب أن آخر شطر تم تدشينه قبل أسبوع في ولاية برج بوعريريج، وبالضبط من منطقة بومرفد إلى الحدود مع ولاية سطيف (وادي تيكستار) على مسافة 36 كلم لا يتوفر (الشطر الجديد) على شهادة المطابقة(!) وقالت مصادر ''الفجر'' إن شهادة شبيهة تم عرضها أمام وزير الأشغال العمومية يوم تدشين شطر الطريق، من طرف أشخاص ليسوا أهلا لذلك، وعندما غادر الوزير المكان، تم تمزيق ''شهادة المطابقة'' تلك••• وهذه واحدة! وأضافت مصادرنا المطلعة أنه ساعات قليلة بعد تدشين شطر بومرفد ببرج بوعريريج إلى الحدود شرقا مع ولاية سطيف، تم تسجيل 4 حوادث مرور مميتة، وتبين من العناصر الأولى للتحقيق أن الأمر مرتبط ب''حالة'' الطريق المدشن والمفتوح للسير وعبور المواطنين (بالآلاف) وبدون شهادة مطابقة•• وهذه الثانية! كان هذا آخر ''أخبار'' مشروع القرن، أو فضيحة القرن، الطريق السيار شرق - غرب، المشروع الذي أسال الكثير من الحبر، بل أكثر من كميات الزفت التي تم وضعها على الكيلومترات المنجزة من هذا المشروع لحد الآن، الذي تم التوقيع على أمر الخدمة به (ODS) يوم 18 سبتمبر 2006، على أن يسلم نهائيا يوم 17 جانفي 2010، وتم بذلك تحديد مدة الإنجاز ب40 شهرا، وفاز بالصفقة المجمع الياباني ''كوجال''، والمجمع الصيني ''سي أر تي سي سي''؛ وقد تم إلى غاية نهاية 2009 تسليم 39 كلم في الشطر الشرقي من مجموع 399 كلم إلى أقصى الحدود الشرقية (بقي 360 كلم)، و80 كلم سلمت بوسط البلاد من أصل 169 كلم، وتم تسليم 70 كلم من أصل 395 كلم بالشطر الغربي الممتد إلى أقصى الحدود الغربية، بالإضافة إلى 289 كلم ضمن البرنامج القديم جدا (20 سنة) أو ما يعرف في لغة التقنيين المتابعين لهذا المشروع ب''باك'' (PEC)؛ ولم يبق من مشروع الطريق السيار شرق - غرب سوى 720 كلم فقط(!)• من كان يعلم؛ أو تنبأ باستحالة تسليم هذا المشروع الضخم في الآجال المحددة (40 شهرا)؟ لا نقول الشركات الأجنبية العالمية الأمريكية والفرنسية والكندية، أو المتعددة الجنسيات، حتى لا يقال إننا ندافع عن هذه الجهة أو تلك••• بل أول مسؤول قال ''لا'' و''حذار'' و''انتبهوا'' كان السيد يزيد زرهوني، وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية، وكان ذلك في سبتمبر 2006 (تاريخ الأمر بانطلاق الأشغال) (ODS)، وكان ذلك في اجتماع مجلس الحكومة برئاسة السيد عبد العزيز بلخادم• فعندما طرح النقاش حول ملف مشروع الطريق السيار شرق - غرب، تحدث وزير الداخلية، من باب خبرته ووطنيته، ومن باب أن قطاعه معني بالمشروع (الولاة)، عن تحفظاته بشأن الآجال والغلاف المالي لفائدة الشركات اليابانية والصينية• ومما أشار إليه السيد زرهوني أن الشركات التي ''فازت'' بالصفقة لا تتوفر على الكفاءة اللازمة ولا الخبرة المفروضة، وأكثر من كل ذلك ليست في قائمة ''توب 25'' (25 TOP) عالميا، والتي تضم كبريات الشركات العالمية أو المتعددة الجنسيات المختصة في إنجاز أشغال الطرق السريعة في العالم• لماذا تأخر الإعلان عن صفقة تجهيز الطريق السريع لحد الآن؟ وبالاستناد إلى ما قالته مصادرنا فإن ثاني شخص مسؤول كان يعلم علم اليقين باستحالة تسليم مشروع الطريق السيار شرق - غرب في آجاله المحددة، هو السيد عمر غول، وزير الأشغال العمومية، وذلك كونه كان مطلعا على التقارير اليومية والأسبوعية والشهرية، والدورية عن تقدم الأشغال ونسبها، والتقارير التي كانت كلها تصب في سياق تأكيد التأخر، ومع ذلك - تقول مصادرنا - لم يتحرك المسؤول الأول على القطاع باتجاه تحريك ''الملف''، كأن يعلن عن ''فسخ'' وسحب الصفقة مع المجمعين الصيني والياباني، وإقرار منحها لمن هو ''أقدر'' على إنجاز هذا المشروع الضخم• وقالت مصادرنا المتابعة لملف الطريق السيار شرق - غرب إن من الأدلة على علم وزير الأشغال العمومية باستحالة استكمال المشروع في آجاله القانونية، والمحددة ب40 شهرا، هو عدم إعلانه، حتى اليوم عن دفتر الشروط الخاص بصفقة تجهيز الطريق السيار• وبالاستناد إلى مختصين في القطاع وعارفين بشؤون سير الصفقات العمومية، لا سيما المشاريع الضخمة، فإنه بين الإعلان عن الصفقة (صفقة التجهيز) والإنجاز، يجب أن لا تقل الفترة عن 36 شهرا، أي 3 سنوات، مع الإشارة دائما إلى أن الإعلان عن المناقصة الوطنية والدولية لهذا الجزء من المشروع لم تتم لحد الآن• استحالة السير على ''الأوتوروت'' قبل 2014 وإذا افترضنا أن الإعلان سيكون هذا الشهر (جانفي 2010)، فإن الفترة القانونية لاستلام واستقبال عروض الشركات محددة ب3 أشهر (90 يوما)، أي أفريل 2010، وتبقى العروض قيد الدراسة ثلاثة أشهر أخرى، أي جويلية 2010، قبل المرور إلى مرحلة اجتماع اللجنة الوطنية للصفقات العمومية التي لن تكون عمليا قبل سبتمبر 2010، وفي أحسن الأحوال يتم التوقيع على أمرية انطلاق الخدمة (ODS) في أكتوبر 2010، وتبدأ الشركة أو الشركات التي فازت بالصفقة في وضع تجهيزاتها لفترة لا تقل عن 6 أشهر، أي في مارس 2011، وفي أحسن الأحوال فإن الأشغال لا تقل عن 36 شهرا، أي أنها ستنتهي في مارس .2014 وبعد كل هذا يحق لأي مواطن التساؤل: إذا كان مجمع ''كوجال'' الياباني مثلا، لم يسلّم إلا 40 كلم من أصل 399 كلم في الشطر الشرقي من الطريق السيار شرق - غرب في فترة 40 شهرا، فمتى يسلّم ال360 كلم المتبقية؟ هل يمكن ذلك في ظرف ثلاث سنوات؟ سؤال آخر وجب البحث عن إجابة له• هذه المعطيات تكون من بين النقاط التي دفعت مصالح الأمن المختصة إلى التحرك باتجاه فتح تحقيق معمّق، خاصة بعد أن تلقت تقارير معلومات من أجهزة أمنية أجنبية، في سياق التعاون الأمني، وكشفت تلك التقارير عن صلة جزائريين وأجانب مقيمين في الجزائر بتحويلات بنكية ''جد هامة''، وبين عدة دول منها فرنسا ويوغسلافيا وسويسرا، تتم سرا، وبدون معطيات كافية عن مصدرها وهوية المستفيدين منها، وتمت الاستعانة في هذه العمليات ببنوك سويسرية ترفض الكشف عن هوية زبائنها، في سياق ''السرية البنكية''، ومن هنا كانت الانطلاقة في التحقيق الأمني الذي كشف العديد من التجاوزات، وتم تقديم الملف إلى القطب القضائي بمجلس قضاء العاصمة، المختص في النظر في قضايا الفساد وتبييض الأموال والمخدرات• وفي أولى مراحل التحقيق الذي لا زال مستمرا، وستسقط معه رؤوس أخرى، تم توجيه اتهامات ل7 إطارات سامية في وزارة الأشغال العمومية، يتصدرها الأمين العام للوزارة، حيث يواجه هؤلاء تهما ثقيلة منها تلقي امتيازات غير مشروعة ورشاوى قدرتها مصادر مطّلعة بأكثر من ألف مليار سنتيم، يكون تلقاها المتهمون نظير تسهيلات وخدمات قدموها بشكل غير قانوني، بالإضافة إلى تهم تنظيم جمعية أشرار، واستغلال النفوذ، واستغلال الوظيفة لأغراض شخصية، وتلقي هدايا بطريقة غير مستحقة، فيما تتم هذه الأيام مواجهة المتهمين الموجودين قيد التحقيق مع مشتبه فيهم في الضلوع في هذه الفضيحة، ومن شأن ذلك الإيقاع ب''رؤوس كبيرة''، وستكون سنة 2010 سنة سقوط الرؤوس لا السنة التي سيستمتع فيها الجزائريون بالطريق السريع شرق - غرب• القضية للمتابعة مجمع ''كوجال'' يتكون من ست شركات أوكل لها إنجاز 399 كيلومتر المكونة للشطر الشرقي للبلاد بمبلغ إجمالي يفوق 376 مليار دينار• والمجمع أخذ تسميه من الطريق السريع - الجزائر باللغة الفرنسية Consortium Japonais pour l'autoroute est-ouest Algérie كما تم إسناد شطر منطقة الوسط وشطر غرب البلاد من باقي المشروع للمجموعة الصينية، والمكونة من شركتي سيتيك وسي أر سي على مسافة 169 كيلومتر للشركة الأولى و359 كيلومتر للشركة الثانية بكلفة تبلغ 451 مليار دينار•