لأن السياسة في الوطن العربي تكوّرت ولم تعد سياسة·· تسيّست الكرة وأصبحت تحتل مكان السياسة!؟ الشباب الذين لم يفرحوا في الوطن العربي بالانتخابات التشريعية أو الرئاسية·· وجدوا في الكرة ما يفرحهم ويعوضهم عن الفرحة الغائبة في مجالات أخرى حيوية! لم يبق سوى الكرة لشباب زودتهم حكوماتهم العربية باللامشروع·· فوجد هذا الشباب مشروع الكرة ليعوض به الفرحة في مجالات أخرى فقدت فيها الفرحة! في مصر وفي الجزائر أيضا يقول السياسيون والإعلاميون بكل بله·· لا بد من استثمار الروح الوطنية التي أحدثتها الكرة لإعطاء دفعة جديدة للحياة الشبانية والشعبية التي ثوّرتها وطنيا وقائع الانتصارات في الكرة! لكن لا حديث عن تثوير القطاعات الأخرى مثل الكرة كالصحة والتعليم والصناعة والزراعة والثقافة·· وحتى الانتخابات والحياة السياسية··! لا حديث عن هذه المجالات! تصورا لو أن الشباب قدمت لهم برامج في المجال السياسي وهزتهم من الأعماق وأخرجتهم إلى الشارع في مظاهرات عفوية مثلما هزتهم أحداث كرة القدم·· أو قدمت لهم برامج في مجال الصناعة والزراعة والتعليم جعلتهم يخرجون إلى الشارع كما يفعل في الكرة!؟ قد يقول قائل إن ما حدث مع شباب مصر وشباب الجزائر في مجال الكرة هو عمل خارج نطاق نشاط السلطة·· ولو أن السلطة وضعت يدها في هذا المجال لكفر الشباب حتى بالكرة! ولكن الأكيد أن ما أحدثته الكرة في هذا الشباب هو صورة من صور المواطنة المفضية إلى الوطنية·· بدأت بأرجل اللاعبين وتنتهي عند حناجر الأنصار والمؤيدين·· وقد تتحول إلى رصيد يصب في حساب السياسيين!