للذين لا يعرفون أن ما أكتبه في هذا الركن بخصوص العلاقات المصرية-الجزائرية ليس وليد أزمة الكرة أقول: أولا: كنت قبل 25 سنة ضد شن صدام حسين لحربه ضد إيران.. وكان المصريون والخليجيون يباركون ذلك، ومنهم الصحافة الكويتية التي هاجمتني أذنابها في لندن، واتهمتني بالمعاداة للقومية العربية! وعندما انقلب صدام على الكويت راحت هذه الصحافة تهاجم من يسكت أو يؤيد ما فعله صدام بالكويت. ثانيا: كنت ضد تجمع حفر الباطن الذي قادته مصر باسم الجامعة العربية لتدمير العراق وتحرير الكويت! ولست أدري كيف التقت مصلحة العرب بقيادة مصر مع مصلحة أمريكا وإيران لتدمير العراق؟ وبناء الأمن القومي العربي بقيادة مصر! لقد نجحت مصر القائدة للعرب في إعادة بريطانيا وأمريكا إلى منطقة الخليج بعد أن انسحبت بريطانيا من الخليج سنة 1971 ومكنت إيران من عنق العراق ككل وليس من عنق صدام فقط.. وها هي مصر اليوم تدعو العرب إلى ضرورة التكتل ضد ما تسميه بالخطر الإيراني.. فلماذا لا تسأل مصر عما تفعل بالعرب؟! ثالثا: حتى القضية الفلسطينية جنت عليها مصر جناية كبرى بربطها تحرير فلسطين سنة 1948 بالأمن القومي المصري وليس العربي كما يدعون! فلو تركت مصر أهل فلسطين يقاومون الصهاينة سنة 1948 لما حدث ما حدث بعد ذلك، ولما ضاعت فلسطين.. ولكن مصر لم تسأل في هذا الموضوع أبدا! وعندما قال بورقيبة سنة 1966 بقبول تقسيم 1948 خوّنته مصر وحاسبته.. لكنها عندما أضاعت سياستها أراضي 1948 في حرب 1967 لم تسأل مصر عن الهزيمة؟ بل طالبت العرب بالمال بلا سؤال! رابعا: الحالة الوحيدة التي أبعدت فيها مصر عن التأثير في القضية الفلسطينية هي مفاوضات أوسلو، وقد حقق الفلسطينيون بهذه المفاوضات ما لم يحققوه الآن بقيادة مصر وهم في رام اللّه! فمصر لم يعجبها خروج ملف الشرق الأوسط من يدها حين أصبح عرفات يتفاوض مباشرة مع الأمريكان واليهود بدون مصر، لهذا سعت إلى إعادة الملف إليها عن طريق تأليب عملائها في ”فتح” ضد عرفات. خامسا: مصر التي ترعى مفاوضات السلام هي التي تعطل تكوين دولة فلسطينية بالاتفاق مع إسرائيل، والأمر سيبقى في حالة تأجيل إلى حين إصلاح الأممالمتحدة وحصول مصر على (طابوري) في مجلس الأمن.. لأن مصر تعتقد مثل إسرائيل أن حل أزمة الدولة الفلسطينية قبل إصلاح منظمة الأممالمتحدة سيجعل أمريكا لا تلتفت إليها كقوة إقليمية! وهل يعقل مثلا أن مصر التي تدعي أنها تساعد الفلسطينيين على إقامة دولتهم تقوم بتقديم اقتراح للقمة العربية في بيروت بصب المساعدات العربية الموجهة للفلسطينيين في حساب الجامعة العربية، وتقوم مصر عبر الجامعة العربية بممارسة الوصاية على الفلسطينيين في صرف هذه المساعدات؟! فكيف يتصرف الفلسطينيون في المساعدات وهم ثورة وعندما يصبحون شبه دولة تسحب منهم مصر ذلك؟! ثم كيف ولماذا تتعامل إسرائيل مع السلطة الفلسطينية بواسطة وزير الخارجية ورئيس الوزراء الإسرائيلي.. أي السياسيين الإسرائيليين.. في حين تتعامل مصر مع الفلسطينيين بجهاز أمنها! وتقول إنها تشجع قيام دولة؟! ثم اسألوا لماذا نجحت قطر في حل أزمة لبنان المعقدة ولم تنجح مصر (الكبيرة) في حل أزمة فتح وحماس؟! والجواب واضح.. لأن قطر تقف على نفس المسافة مع المتخاصمين، في حين الأمر ليس كذلك بالنسبة لمصر مع الفلسطينيين! ولست في حاجة للقول إن الدولة الفلسطينية المستقلة لا يمكن قيامها إلا إذا خرج الفلسطينيون من منطق الوصاية المصرية عليهم كما فعلوا في أوسلو. هذا هو المشكل وما عداه فهو مراوغة لا أمل من ورائها؟!