صرخت فرحة: سنكمل ما بدأناه معا.. لكنه همس لها: أكملي ما بدأت .. ورحل. هي لازالت على مائدة الوجع تنتظره، لكنها على يقين تام بأن الأقدار لا تأتي بالراحلين. ومع ذلك لازالت تحترف انتظاره. لا يوجد أصعب من انتظارٍ، اجتمع على مائدةٍ وصَفَحاَت تكدّست فوق ركام حبر أسود. ليس هناك أصعب من أن تحيك على مسامع الآخرين تفاصيل ذاكرتك المترفة بلعنات القدر.. وليس أصعب من أن تكون تلك التفاصيل المتعلقة بها هي تفاصيل الروح، والقلب، والذاكرة.. لذا راحت تبكي أمام الهاتف ببلاهة وهو يستعرض على مسامعها في الجانب الآخر منه آخر الأنباء، حين سقط من وجهه الملائكي ذاك، آخر قناع لبسه معها، لتأدية دور الحبيب. ردّت عليه.. بصوت جهور، يرتجف ألما ”إن شئت غادر، فال أنا لا تخسر يا أنتَ” وصمتت.. مذ ذلك الحين، أدركت هذه الأنثى، بأنها كلما راهنت على حبيب مختلف عن باقي الرجال الذين صادفتهم في حياتها، وجدت في آخر المطاف بأنه استنساخٌ لما قد مرَّ عليها منهم قبله، وأنه لا فرق بينه بينهم سوى في الهيئة المجهولة.. لهذا أشرعت للريح أبوابها ومضت بصمتها المعتاد أمام طعنات الآخرين.