عشية الاحتفال باليوم العالمي للمرأة المصادف ل 08 مارس، التقت “الفجر” مع بعض نساء تندوف القاطنات بالأرياف والبوادي وحاولت تقريب صورة الاحتفال بهذا اليوم من طرفهن، وهل يعرفن شيئا عن يومهن؟ أسئلة كثيرة طرحتها لمعرفة ولو النزر القليل عن عيش المرأة بالريف ومكانتها داخل النسق الاجتماعي الذي حرمها أحيانا من الكثير من الحقوق، ومنحها بالمقابل المكانة الإجتماعية المرموقة داخل الأرة مما أكسبها ذلك الاحترام والتقدير متناهي الأبعاد. الثامن مارس من كل عام وقفة تاريخية مع نضال وجهاد المرأة وإثبات لوجودها في عالم يزداد اتساعا، ووسط نداءات متكررة لتحسين وضعيتها عبر أصقاع العالم. غير أن المرأة في أرياف تندوف ومناطقها المترامية الأطراف ما تزال تكابد متاعب الحياة وتصارع مشاق الزمن الذي تحدّته بإرادتها التي لا يمكن معرفتها إلا عند معايشة مظاهر الصراع مع الحياة لنسوة جعلن من البادية مستقرا لهن وحاولن في أصعب الظروف المناخية والمادية قهر الطبيعة وتسخيرها لخدمة أسرتها من خلال جمع الحطب وحمله على ظهرها مسافات طويلة من أجل أن تسعد أفراد العائلة، إضافة إلى انهماكها في نسج شعر الإبل من أجل صنع الخيمة التي تأوي إليها الأسرة وتقيها حر الصيف وبرودة الشتاء، مع ما تكابده من صعاب أثناء البحث عن قطيع الغنم بين الشعاب والوديان، وهي التي تقوم في غياب الرجل بالرعي وحلب النوق ورعاية انشغالات الأطفال من خلال تحضير الوجبات التقليدية لا سيما كسرة الشعير. ومن هنا أصبحت المرأة البدوية تعادل ألف رجل، فهي التي تتولى شؤون الخيمة وترحب بالضيف في غياب الرجل مع محافظتها على العادات والتقاليد كالحشمة، إذ تضع النقاب على وجهها وهي عادات ما تزال باقية وسط نساء البوادي. سألنا فاطمتو وهي امرأة بدوية بضواحي قرية غار جبيلات على نحو 120 كلم، عن عيدها “08 مارس”، فقالت لنا باستغراب ماذا تقولون؟ لا أفهم ما تقصدون! حاولنا إفهامها بطريقة أكثر بساطة فقلنا لها اليوم عيد؟ قالت عيد الحلم فات، وتقصد بحديثها عيد الأضحى قد ولى، ففهمنا للتو أن فاطمتو لا يعنيها الثامن مارس بشيء كونها لا تعرف معناه ومدلوله. قلنا لها من جديد يا فاطمتو: اليوم عيد لعلايات أي النساء، وهو عيد يعطي للمرأة مكانتها. قالت لنا: نحن نساء البادية لا نفهم ما تقولون، لا نعلم إلا بالسرحة أي الرعي، ونقوم بالحطب ومعظمنا جاهل لا يقرأ ولا يكتب. لمسنا من خلال كلامها أن سكان البوادي في حاجة ماسة إلى التفاتة والعمل على تحسيسهن بهذا اليوم الذي لهن فيه حق التعليم والفهم والاطلاع على العالم الخارجي. وهكذا تبقى يوميات المرأة ببادية تندوف تتأرجح بين رعي الماشية من جهة وتربية الأطفال في ظروف جد قاسية مع مصارعة الفقر والحاجة إلى وسائل الحياة. هي إذن نداءات من عمق صحاري تندوف وامتدادها الجغرافي الشاسع الذي جعلت منه الأسر والعائلات البدوية فضاء لها تتجلى في إدماجهن في صيرورة الحياة كباقي نساء العالم. قالت لنا أحدهن “إني أحلم بالتلفزيون، و و و..” أحلام كثيرة ساورت الكثير من نساء كثيرات يأملن في مشاهدة التلفزة التي أصبحت عند سكان المدن آخر الأولويات بعد أن انتشرت الفضائيات وعوالم الرقمنة التي لا تحلم بها فاطمتو ببادية لكحال أوشتشان أو غيرها من المناطق النائية الأخرى. وهكذا تبقى نساء أرياف تندوف ينتظرن ثامن مارس آخر يمنحهن حياة أخرى أكثر اندماجا وتطلعا ويربطهن بواقع المرأة بالمدن والذي أصبح أكثر حظا من واقعها بالريف. ومن خلال لقاءات مع بعض النسوة اللواتي يطمحن في ممارسة فنون مختلفة كالخياطة ويرغبن في اكتساب المهارات، يمكن القول إن نساء البادية لهن من الشجاعة ما يجعلهن يحققن مستوى كبير من النجاح في مختلف الميادين، ولعل أول ما تفكر فيه المرأة بالبادية هو البحث عن سبل الاندماج في حياة المدن حتى تتمكّن من محاكاة سير الحياة والانغماس في العلم والانفتاح الذي ظل بعيدا عن سكان الريف في ظل غياب الإمكانيات وطغيان العادات والتقاليد التي ما تزال تكبل كل عمل طموح.