ما حدث من فساد مطلق في سنوات التسعينيات كان له ما يبرره، لأن مؤسسات الدولة في هذه الفترة تعطلت وحلت محلها مؤسسات معينة على وقع الأزمة وضربات الإرهاب، فجاءت حكومة فيها وزراء يفتقرون إلى الكفاءة والحنكة السياسية.. وجاء على رأس البلديات "لي داك" بعد أن سقطت البلديات المنتخبة! في هذه الفترة كان الشعار هو: كن ضد الإرهاب وافعل ما تشاء! كان مبرر بقاء الدولة واقفة كافيا لأن يتغاضى الجميع عن الفساد! لكن اليوم ما ينشر من أخبار الفساد يجعل الشعب الجزائري يترحم على وقف "لي داك" والمسؤولين المعينين على رأس البلديات والدوائر والولايات والوزراء! هل يعقل أن يصدق المواطن في تيزي وزو أن مناضلي حزب الأفافاس والأرسيدي الذين يملأون الدنيا ضجيجا حول الفساد يمكن أن يتورطوا في قضايا فساد وبهذه الطريقة البائسة؟! لقد صدم الرأي العام الوطني بقضية تورط وزارات تابعة لحمس في قضايا فساد مذهل! وبات الجميع يقولون: "سرقات الحزب الواحد أرحم من سرقات التعددية"! المواطن اليوم بعد هذه الفضائح الفسادية أصبح يتساءل بجدية ما إذا كان في الجزائر غير السراق! وهل يمكن أن يفهم أن إقدام الرئيس بوتفليقة على عدم تغيير المسؤولين الذين حامت حولهم الشبهات على أنه تأكد من أن الذين سيخلفونهم سيكونون مثلهم، ولذلك لم يتحمس للتغيير رغم وجود كل أسبابه! مشكلة الجزائر هي أن "السيستام" فسد.. والبديل لا وجود له في المدى المنظور! لهذا يتحدث الناس الآن بجدية عن بديل يأتي من خارج "السيستام" وليس النظام! ويبقى السؤال: هل حقيقة أجهزة الأمن والعدالة قادرة على تنظيف الجزائر من الفساد؟! أغلب الظن أن الفساد هو الذي سينتصر في النهاية، لأنه لم يعد ظاهرة يمكن علاجها، بل أصبح هو النظام نفسه ولا مجال لمواجهته بالطرق التقليدية لمكافحة الفساد؟! وقد سمعت مواطنا يعلق في مقهى بالحراش على أخبار الفساد المنشورة في الصحف بالقول: محنة ولا بومدين لها!