لم يهتم عدد كبير من الجزائريين بالتعديل الحكومي الذي جاء به رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة باعتبار أن القضايا السياسية الوطنية ليست مدرجة في قائمة انشغالاتهم، في حين كانت عبارة " وان، تو، ثري معاك يا الخضرا" على لسان الكثير من الجزائريين. خلال جولة استطلاعية بعد صدور القرار الرئاسي الأخير حول التعديل الحكومي الذي قام به رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وتزامنا مع المباراة الأولى للفريق الوطني بقيادة المدرب رابح سعدان، قامت "المسار العربي" بجس نبض الشارع الجزائري وآرائه حول الحدث. طلبة جامعيون: " تغيير شكلي لا يستجيب للطموحات والتحديات" بخصوص التغيير الحكومي الأخير قالت إحدى الطالبات أنه لن يأتي بشيء جديد لأنه "مجرد تبادل للمناصب لا يستجيب للطموحات والتوقعات التي كنا ننتظرها". من جهة أخرى يرى أحد الطلبة أن التغيير لا يهمه وإنما كل ما يهمه هو الحصول على معدل سنوي يمكنه من تفادي الامتحانات الشاملة، وبالتالي متابعة مباريات الفريق الوطني في المونديال "بسلام" على حد تعبيره. أساتذة ومعلمون:"التغيير جاء بعد الفضائح التي شهدتها عدة قطاعات" أما بالنسبة لأستاذ جامعي في كلية العلوم الانسانية والاجتماعية بجامعة بوزريعة فيعتقد أن هذا التعديل الحكومي الذي جاء به رئيس الجمهورية مؤخرا "كإجراء يصب في إطار البرنامج الحكومي لمكافحة انتشار ظاهرة الفساد التي فجرتها مؤخرا فضيحة شركة سونطراك باعتبارها من المؤسسات الوطنية الكبرى، حيث عمت الاختلاسات معظم قطاعات وهياكل الدولة مما دفع برئيس الجمهورية إلى اتخاذ هذا القرار". من جهته قال دكتور جراح بمستشفى مصطفى باشا " أن هذا التغيير على حسب تقديري جاء نتيجة للفضائح التي ملأت الصحف الجزائرية على غرار فضيحة أنفلونزا الخنازير التي أفزعت المواطنين، بالإضافة إلى أن الجزائر في هذا المجال خسرت أموالا معتبرة جراء هذا الوباء، الذي دفع بالعديد من المواطنين لتجنب اللقاح الذي قامت الجزائر باقتنائه من المخابر الكندية، فضلا عن الحملة الإعلامية الفاشلة التي قادتها وزارة الصحة، حيث أن عزوف المواطنين عن اللقاح جاء نتيجة سوء التسيير الوزاري، لأن وزارة الصحة من المفروض أن تأتي بأطباء يناقشون على المباشر عن طريق وسائل الإعلام الثقيلة خصوصا التلفزيون الذي يستقطب عددا كبيرا من المواطنين بشأن توعيته وتوصيل الرسائل الإعلامية بشكل أفضل، إلا أن سياسة وزارة الصحة الإدارية جعلت الدولة تتكبد خسائر مالية ضخمة من أجل لقاح خاف منه الجزائريون، هذا إلى جانب الإضرابات والشلل الذي عرفه قطاع الصحة من قبل الأطباء، ربما على هذا الأساس قام رئيس الجمهورية باستبدال الوزير السابق بركات بالوزير الحالي جمال ولد عباس الذي على الأقل له خبرة وماض طويل في الميدان الصحي باعتبار كان طبيبا، وأتمنى يقوم جمال ولد عباس بما لم يقم به بركات فيما يخص القطاع و في صالح الأطباء الذين أصبحوا يهربون إلى الخارج، وأصبحت الجزائر تستورد أطباء أجانب، علما أن أطباءنا أكثر كفاءة من الأجانب، إذن باعتباري طبيبا أطلب من وزير الصحة الحالي أن يهتم بهذه النقطة التي هي في صالح البلاد بالدرجة الأولى" ومن جهته ترى أستاذة بمادة اللغة الفرنسية في الطور المتوسط و التي بدت على وجهها علامات التذمر والنرفزة حيث قالت انه "من المفروض أن يدرج قطاع التعليم في قائمة التغيير"، متسائلة عن أن التغيير لم يمس بعض الوزراء على غرار أبو بكر بن بوزيد، حيث قالت في هذا الشأن " هل بن بوزيد ورث الوزارة أو المنصب من الدولة"، كما تحدثت عن الضغوطات التي يتميز بها القطاع وغلق باب الحوار "أفرز إضرابات قام بها عمال التربية والتي كان فيها التلميذ هو الضحية الأولى و الأخيرة خاصة منهم المقبلين على اجتياز الامتحانات النهائية". من جهته أعتبر أحد الأطباء أن جمال ولد عباس "سيكون فأل خير على أصحاب المآزر البيضاء لما قاسه هؤلاء خصوصا في الفترة الأخيرة أيام الإضراب الذي شل المستشفيات، باعتباره كان طبيبا واع بمعاناة الطبيب الجزائري". إعلاميون: "..التغيير أتى في وقته" التعديل الوزاري الأخير الذي قام به الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ، جاء بعد أن هزت فضائح الفساد عدة قطاعات ، تورط فيها مسؤولون كبار، حيث قام بوتفليقة بإبعاد أربعة وزراء عن الطاقم الحكومي، أبرزهم وزير الطاقة والمناجم شكيب خليل، في حين رقى وزير الداخلية والجماعات المحلية نورالدين يزيد زرهوني إلى نائب للوزير الأول أحمد أويحيى. كما أن هذا التعديل جاء بعد أن شهد هذا العام فضائح فساد مست شركة سوناطراك العمومية، ما عجل بإقالة المدير العام للمجموعة محمد مزيان وعدد من القيادات الأخرى. حيث أن التعديل الحكومي مس ملفي الفساد والأمن ، الأمر الذي أدى الى إبعاد الوزير خليل عن الطاقة والمناجم و الذي جاء بعد فضائح الفساد التي هزت قطاعه، وقد استُبدل به إطار سابق في سوناطراك. تقول الإعلامية السابقة بالتلفزيون الجزائري و عضو مجلس الأمة حاليا زهية بن عروس أن "التعديل الحكومي الذي قام به رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة "أتى في وقته". حيث أوضحت في هذا السياق أن هذا القرار كان مطلب العديد من الأطراف السياسية و الاجتماعية". رجال السياسة لا رأي لهم تجاه قرار الرئيس وعلى الصعيد الآخر، أجمع رجال السياسية الذين سألناهم عن التعديل الوزاري، على أن لا رأي لهم بعد قرار الرئيس باعتباره ذو حكمة وحنكة سياسية أكبر في اتخاذه مثل هذا القرارات، معتبرين أن الطبقة السياسية ليس بإمكانها انتقاد قرار رئاسي قضى بتغيير عدد من الوزراء باعتبار أن هذا القرار له خلفيات ربما قد تعود إلى الفضائح و الفساد الذي أصبح كسرطان ينخر هياكل الدولة. "مواطنون بالكرة منشغلون.. و آخرون بالتعديل لا يعلمون" تفاجأنا من خلال هذه الجولة التي قمنا بها والتي استقصينا فيها آراء عدد من أفراد المجتمع الذي كان أكثرهم شبابا، من ردودهم حول التعديل الحكومي الذي قام به رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة مؤخرا ، حيث أكد لنا معظم الشباب اللذين كان أغلبهم بطالا بعدم معرفتهم بهذا التغيير حسب ما قاله لنا أحدهم، و أضاف آخر أن "هذا التغيير لا يهمنا وإنما يهم بعض الأشخاص"على حد تعبيره، بل كل ما يهمنا هو "الخضرا" خصوصا وأن المباراة الأولى للجزائر ستبدأ اليوم الأحد. وتابع آخر أن "كل القضايا السياسية على غرار التعديل أو الانتخابات غير مدرجة ضمن قائمة اهتماماته مفيدا أنه لم ينتخب ولو مرة في حياته وباعتباره بطالا لم "أتحصل على شيء من مسؤولي بلادي فبالمقابل مالفائدة من الحديث عن هذه الأمور"، مضيفا أن حياته "كحياة أي شاب بطال لا تهمه السياسة وإنما التسكع في المقاهي أو على حافة الطرقات في الحومة والتسلية بالحديث فيما بيننا عن مواضيع رياضية في مقدمتها كرة القدم" التي أصبحت أفيون كل الشعوب ومسكنا للمشاكل الاجتماعية.