على وقع الاحتجاجات والإضرابات وأخبار الطرد التعسفي يحل عيد العمال، وإن لم يصح استعمال كلمة “عيد” للوقوف على أوضاعهم، باعتبار أن وضعهم سنة 2010 ترنح بين اللهث وراء لقمة العيش، والخوف من فقدان منصب عمل، وهاجسهم يستند الى العدد المخيف لنسبة البطالة في الجزائر الشركات الأجنبية تستغل العمالة الجزائرية وتمنحها عُشر الأجر الممنوح للأوروبيين والتي لا تقتصر على أصحاب المستوى التعليمي المحدود ولكنها تضم في القائمة نسبة معتبرة من خريجي الجامعات. ولم يجد رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، الحقوقي حسين زهوان، في حديث ل “الفجر”، من عبارة لتقييم وضعية العمال في البلاد سوى القول إنها “ليست بخير”. فالاحتجاجات مستمرة وشكاوى الطرد التعسفي وتجاوزات الشركات الأجنبية متواصلة، والاستغلال المخيف لفئة النساء، كلها تتطلب إعادة النظر في مناح عديدة لفئة العمال، سواء ما تعلق بالتشريع أو المراقبة، حتى يتسنى الأمر من بعد للحديث عن حقوقهم. واعتبر حسين زهوان أن أساس تردي وضعية الأغلبية الساحقة من العمال في الجزائر، هو تجاهل السلطات العمومية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وتركيزها على إظهار الوجه التقليدي للحقوق، رغم أن المطلوب هو ترقية وتعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية حتى تتجسد المواطنة الحقة ويكون للجزائريين، على حد سواء، الحق في العمل مثلما لهم الحق في التكوين والصحة والسكن. وقال زهوان إن حقوق العمال في القطاع العام والخاص مهضومة، وأن القطاع الخاص يظل “سيد” التجاوزات، بالنظر إلى الضغط الذي يتعرض له العمال من طرف أرباب العمل، بالإضافة إلى تهديدات الطرد وكذا الطرد الفعلي، وعدم التصريح بهم لدى صناديق الضمان الاجتماعي. كما لفت المتحدث إلى وجود عدد من الشركات لا توظف إلا فئة النساء، كون الأغلبية منهن يقبلن العمل بأجر زهيد لا يصل حتى الحد الأدنى من الأجر القاعدي المضمون، لعدة اعتبارات، أهمها، حاجتهن إلى المال، الأمر الذي يجعل المفاوضات حول الأجر مجرد “إكسسوار”، وقال “اكتشفت حالات كثيرة في ضواحي العاصمة لهذا النوع من الاستغلال، و أصبحن الآن الفئة الأكثر طاعة و مرونة”، مضيفا إن النساء يتمتعن قانونا بنفس حقوق الرجال، ولكن في أرض الواقع هناك تجاوزات عديدة، وإن كان الأمر في القطاع العمومي أقل استغلالا وتجاوزا من القطاع الخاص. وأضاف المتحدث أن تعيين النساء في مناصب سامية مايزال مرهونا بتعليمات السلطات أو رئيس الجمهورية بشكل أخص، مرجعا تردي وضع النساء العاملات لعدم تكتلهن في نقابة تتكفل بانشغالاتهن وتعرفهن بحقوقهن الكاملة، وتعلمهن كيفية الدفاع عن حقوقهن، وقال “هن يجهلن بشكل كامل ما لهن، لأن غالبا ما يكون اهتمام أرباب العمل بما عليهن فقط”. وفي حديثه عن النقابات، قال حسين زهوان، إن الاتحاد العام للعمال الجزائريين لم يعد المدافع عن العمال بالشكل المعروف، ووضع النقابات المستقلة على كثرتها، لازالت تهيم في الفوضى وتفتقد لرؤية موحدة، تساهم في ترقية حق العامل الجزائري، موضحا أن النقابات وإن كانت تنتمي إلى قطاع واحد، فإنها تفتقد للانسجام، أهم عامل للنجاح في افتكاك حقوق العمال. وكشف حسين زهوان عن اقتناص الشركات الأجنبية واستغلالها للفوضى المسجلة في قطاع الشغل، واستفادت من ذلك، مجتهدة في استغلال اليد العاملة الجزائرية، وقال “الدليل أنها تمنح العمال الجزائريين عشر الأجر الذي يمنح للعامل الأوروبي، 120 أورو، وتجاوزات الشركات النفطية في الجنوب”. ولخص زهوان حديثه بالقول، إن قطاع الشغل في الجزائر يعيش فوضى كبيرة وسوء تسيير، جعل من الحديث عن حقوق العمال آخر الاهتمامات، مشيرا إلى أن أغلب الشكاوى التي تتلقاها الرابطة تتعلق بحالات الطرد، كثيرا ما تعجز هيئته عن معالجتها، لأنها توجه إلى المحكمة وتأخذ مسارها القانوني.