تعرف بلدية شفة، الكائنة غرب ولاية البليدة، بانتشار المستثمرات الفلاحية التي هجرها أصحابها خلال العشرية السوداء، ما سمح للكثيرين بالإستقرار بها من النازحين من المناطق التي عاث فيها الإرهاب الأعمى فسادا، فتحولت هذه المنطقة التي كانت آمنة نسبيا، مقارنة بمناطق أخرى، إلى ملاذ للعائلات التي أرادت النجاة بأرواحها. بات سكان المستثمرات الفلاحية، أوكما تعرف محليا “الأحواش”، التي يعيش بها أصحابها الحقيقيون من أبناء المنطقة أو النازحون إليها خلال العشرية الماضية، يشتكون من انعدام كل أشكال التهيئة به، فالطرقات توجد في حال كارثية، كما أن غالبية السكنات التي شيدت بالمنطقة آيلة للإنهيار بفعل العشوائية التي طغت على فترة تشييد تلك المنازل، في حين أن البعض منها يعود إلى الحقبة الإستعمارية.. وحسبما علمت “الفجر”، فإن هذه الظروف خلقت جوا من الصراع بين أصحاب الأراضي الحقيقيين والوافدين الجدد، حيث أبدى أصحاب المستثمرات نيتهم في طرد كل من يقطنون بمزارعهم التي قرروا العودة إليها قصد الإستثمار فيها وإعادة إحيائها بعد استتباب الأمن، ما اضطر الآخرين إلى أن يطالبوا بالتعجيل في ترحيلهم إلى مساكن جديدة. ومن بين الأحواش التي مازال قاطنوها يأملون في التفاتة السلطات المحلية قصد انتشالهم من براثن التخلف وتوفير سبل العيش الكريم التي من شأنها أن تساعدهم على الاستقرار في أراضيهم، أحواش جينستو، الحاج أعمر المشهور باسم “مدام ميشال”، حوش يخلف، قرية سدري، حوش موريس، ساكري بن عالية، خدوجة، حيث كلها ما زالت تفتقر لأدنى أبجديات التنمية المحلية، بالنظر إلى غياب عمليات تعبيد الطرقات وانعدام شبكات المياه الصالحة للشرب وقنوات الصرف الصحي. مظاهر التخلف التي طغت على المواقع المذكورة باتت تتشابك في كثير من النقاط التي أظهرتها للعيان برك المياه القذرة التي تتجمع في محيط كل حوش، والتي تهدد المنطقة بكارثة إيكولوجية وصحية خطيرة، حيث أدت إلى انتشار أمراض الحساسية، الأمر الذي يستدعي تدخل السلطات الوصية بشكل مستعجل. وحسب مصادر “الفجر”، فإن ما زاد من تأزم الوضع هي الدعاوى القضائية التي رفعها أصحاب المستثمرات على من أسموهم بالدخلاء، ما يلزم المصالح المحلية الإنتظار إلى غاية الفصل في تلك الدعاوى من أجل تحديد أحقية كل شخص بالسكنات الإجتماعية، التي سيتم الكشف عنها في وقت لاحق. كما يذكر أن مصالح مديرية الري على علم بمشكل انعدام المياه بعدد من الأحواش، وهي مطالبة أكثر من أي وقت مضى بضرورة التدخل لإيجاد حل جذري لهذا الإشكال. وحسبما أفادنا به مصدر مطلع، فإن البلدية استفادت مؤخرا من حصة سكنية أولية تضم 120 وحدة سكنية موجهة للقضاء على السكن الهش، والتي تستهدف أساسا القضاء على الحي القصديري المحاذي لخط السكة الحديدة، في انتظار الاستفادة من حصة أخرى ب 180 وحدة سكنية شهر جويلية المقبل. للإشارة أحصت بلدية شفة أكثر من 400 سكن هش موزع على أربع أحياء بنيت خلال العشرية السوداء، غالبية قاطنيها قدموا من أولاد هلال، تسمسيلت وعين الدفلى.