ذكرت صحيفة “ذي أنديبندنت” البريطانية، في عددها الصادر أمس الأحد، أن إقالة الجنرال ستانلي ماكريستال من مهامه كقائد لقوات الحلف الأطلسي في أفغانستان لم تنتج فقط عن تصريحات صحفية أدلى بها، بل أيضا من اجتماع سلبي جدا. وقالت الصحيفة “إنه قبل أيام من إقالته، قدم ماكريستال لوزراء الدفاع في دول الحلف الأطلسي حصيلة سلبية عن الوضع في أفغانستان، وفي وثائق عسكرية سرية، نبّه الجنرال هؤلاء إلى أنه ينبغي عدم انتظار أي تقدم في الأشهر الستة المقبلة، مشككا بذلك في إمكان البدء بسحب القوات الأمريكية في جويلية 2011 بناء على رغبة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما“. وحسب المصدر نفسه، قال الجنرال في الاجتماع المذكور “إن جزءا فقط من المناطق الأساسية لإرساء أمن بعيد المدى في أفغانستان يمكن اعتباره آمنا، وأن قسما ضئيلا من القوات الأفغانية أثبت فاعليته”. ووصف الجنرال الحكومة الأفغانية بأنها غير فاعلة ولا تتمتع بصدقية، معتبرا أن باكستان أخفقت في احتواء الدعم الذي يستفيد منه المتمردون. ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة أن هذا الاجتماع هو الذي دفع أوباما إلى قبول استقالة ماكريستال، وليس فقط التصريحات التي أدلى بها للصحافة. والواقع أن خلاصات ماكريستال تتناقض في شكل واضح مع نية أوباما البدء بسحب القوات الأمريكية خلال العام المقبل. .. وخبراء عسكريون يتوقعون نشوب حرب أهلية في أفغانستان من جهة أخرى، نقلت صحيفة “الأوبزرفر” البريطانية الصادرة أمس الأحد أن أحد الخبراء البارزين في أفغانستان قال “إن البلد يقترب من سيناريو نشوب حرب أهلية مروعة”، مضيفا “أن قسطا كبيرا من السكان يعتقدون بشكل متزايد أن القوات الأجنبية تخسر الحرب التي تخوضها ضد طالبان”. وقال الرئيس السابق لبعثة الاتحاد الأوروبي في أفغانستان، مايكل سيمبل، في مقابلة مع الصحيفة إن “الوضع الأمني حاليا فى أفغانستان ينهار إلى درجة أن البلد يمكن أن ينزلق إلى فوضى أهلية”. ويضيف سيمبل، الذي يقال إنه يحتفظ بعلاقات واسعة مع قيادة طالبان، أن إقالة الجنرال ستانلي ماكريستال، وهو أرفع مسؤول عسكري أمريكي في أفغانستان، في الأسبوع الماضي، يمكن أن تقوض ثقة الشعب الأفغاني أكثر فأكثر في مهمة قوات الحلفاء، مشيرا الى أن هناك “إدراكا واسعا لدى الأفغان أن قوات حلف الناتو لا تكسب الحرب، كما أن الكثير من الناس يتوقعون الآن أن تعرف حملة الناتو الفشل، ويتوقعون حدوث جولة جديدة من الحرب الأهلية ويستعدون لذلك”. ويقول سيمبل إن سحب القوات الأجنبية، ومن ضمنها القوات البريطانية التي قوامها عشرة آلاف عنصر يتركزون في جنوب البلاد، سيساعد على اندلاع حرب أهلية. ويواصل أن هناك مؤشرات على وجود صراع بين ثلاثة أجنحة، وهي البشتون، الموالون لطالبان والبشتون المناوئون لطالبان والجماعات غير البشتونية. وتسوق الصحيفة مثالا على توتر الأوضاع في أفغانستان بتنحي المبعوث البريطاني الخاص إلى البلد، السير شيرارد كوبر كولز، في الأسبوع الماضي بعد اصطدامه بكبار قادة الناتو والمسؤولين الأمريكيين بسبب إصراره على أن المجهود الحربي لإنهاء التمرد يمنى بالفشل، مضيفا أن هناك حاجة ملحة لبدء مباحثات سلام مع طالبان. وكان قادة قمة مجموعة الثماني التي عقدت في كندا قد أعطوا للرئيس الأفغاني حامد كرزاي في بيانهم الختامي مهلة خمس سنوات لتسوية القضية الأفغانية واستلام المسؤوليات الأمنية ومكافحة الفساد. وذكرت الصحيفة أن مهلة السنوات الخمس يُنظر إليها على أنها بمثابة موعد نهائي لسحب القوات الأجنبية من أفغانستان، كما ينظر لها على أنها إثباب لكلام رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كامرون، الذي عبر فيه عن أمله في سحب القوات البريطانية من أفغانستان في غضون 5 سنوات. وحذرت الصحيفة من أن هذه الرسالة الموجهة إلى كرزاي قد تؤجج الخلاف بين الدول المعنية بمستقبل أفغانستان لأن البلد أبعد ما يكون عن الاستقرار. واستشهدت في هذا الصدد بتصريح لوزير القوات المسلحة البريطانية، نيك هارفي، أكد فيه أن جنوده لن يُسحبوا من أفغانستان قبل أن يعبر الوزراء في الحكومة البريطانية كمسؤولية جماعية داخل الحكومة عن رضاهم أن أفغانستان لن ينزلق مجددا ليكون ملاذا آمنا للإرهاب الدولي.